خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوۤاْ آمَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ
١١١
إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
١١٢
-المائدة

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { وإذ أوحيت إلى الحواريين } يعني ألهمتهم وقذفت في قلوبهم فهو وحي إلهام كما أوحى إلى أم موسى وإلى النحل والحواريون هم أصحاب عيسى وخواصه { أن آمنوا بي وبرسولي } يعني عيسى عليه السلام { قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون } لما وفقهم الله للإيمان، قالوا: آمنا. وإنما قدم ذكر الإيمان على الإسلام، لأن الإيمان من أعمال القلوب والإسلام هو الانقياد والخضوع في الظاهر والمعنى أنهم آمنوا بقلوبهم وانقادوا بظواهرهم. قوله تعالى: { إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك } قال المفسرون: هذا على المجاز ولا يجوز لأحد أن يتوهم على الحواريين أنهم شكَّوا في قدرة الله تعالى لكنه كما يقول الرجل لصاحبه هل تستطيع أن تقوم معي؟ مع علمه بأنه يقدر على القيام وإنما قصد بقوله هل تستطيع هل يسهل عليك وهل يخف أن تقوم معي فكذلك. معنى الآية: لأن الحواريين كانوا مؤمنين عارفين بالله عز وجل ومعترفين بكمال قدرته وإنما قالوا ذلك ليحصل لهم مزيد الطمأنينة كما قال إبراهيم عليه السلام ولكن ليطمئن قلبي. ولا شك أن مشاهدة هذه الآية العظيمة تورث مزيد الطمأنينة في القلب ولهذا السبب قالوا وتطمئن قلوبنا وقال بعضهم هو على ظاهره. وقال: غلط القوم وقالوا ذلك قبل استحكام الإيمان والمعرفة في قلوبهم وكانوا بشراً فقالوا هذه المقالة فرد الله عليهم عند غلطهم بقوله: { اتقوا الله إن كنتم مؤمنين } يعني اتقوا الله إن كنتم مؤمنين يعني اتقوا الله أن تشكوا في قدرة الله عز وجل والقول الأول أصح وقيل في معنى الآية: هل يقبل ربك دعاءك ويعطيك بإجابة دعائك وسؤالك إنزال المائدة، فقد ورد في الآثار: من أطاع الله أطاعه كل شيء { أن ينزل علينا مائدة من السماء } المائدة الخوان الذي عليه الطعام ولا يسمى مائدة إن لم يكن عليه طعام إنما يقال خوان أو طبق وأصلها من ماد يميد إذا تحرك كأنها تميد بما عليها من الطعام { قال } يعني عيسى مجيباً للحواريين { اتقوا الله إن كنتم مؤمنين } يعني اتقوا الله في هذا السؤال إن كنتم مؤمنين لأنه سؤال تعنت وقيل: أمرهم بالتقوى ليحصل لهم هذا السؤال ومعنى إن كنتم مؤمنين مصدقين فلا تشكوا في قدرة الله تعالى وقيل معناه اتقوا الله أن تسألوا شيئاً لم يسأله أحد من الأمم قبلكم فنهاهم عن اقتراح الآية بعد الإيمان.