خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٦
-المائدة

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } يعني إذا أردتم القيام إلى الصلاة ومثله قوله تعالى: { { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } [النحل: 98] أي: إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله ومثله من الكلام إذا اتجرت فاتجر في البر أي إذا أردت التجارة. وهذا القول يقتضي وجوب الوضوء عند كل صلاة وهو ظاهر الآية ومذهب داود الظاهري وذهب جمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم إلى أنه يجزىء عدة صلوات بوضوء واحد وأجيب عن ظاهر الآية بأن المعنى إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم على غير طهر فحذف ذلك لدلالة المعنى عليه وهذا أحد اختصارات القرآن وهو كثير جداً ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" أخرجاه في الصحيحين وقيل في معنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة من النوم وقيل: هو أمر ندب ندب من قام إلى الصلاة أن يجدد لها طهارة وإن كان على طهر ويدل عليه ما روي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات" أخرجه الترمذي. وقيل: هذا إعلام من الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا وضوء عليه إلا إذا قام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال ويدل عليه ما روي عن ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً من الخلاء فقدم إليه طعام فقالوا ألا نأتيك بوضوء فقال إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" أخرجه مسلم. والقول الأول هو المختار في معنى الآية وفروض الوضوء المذكور في هذه الآية أربعة: الأول غسل الوجه وهو قوله تعالى:{ فاغسلوا وجوهكم } واستدل الشافعي على وجوب النية عند غسل الوجه بهذه الآية وحجته أن الوضوء مأمور به وكل مأمور به يجب أن يكون منوياً ولما روي في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم "قال إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى" والوضوء من الأعمال فيجب أن يكون منوياً وإنما قلنا: إن الوضوء مأمور به وأنه من أعمال الدين لقوله تعالى: { { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [البينة: 5] والإخلاص، عبارة عن النية الخالصة ومتى كانت النية الخالصة، معتبرة كان أصل النية في جميع الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى معتبراً. واستدل أبو حنيفة لعدم وجوب النية في الوضوء بهذه الآية قال: إن النية ليست شرطاً لصحة الوضوء، لأن الله تعالى أوجب غسل الأعضاء الأربعة في هذه الآية ولم يوجب النية فيها، فإيجاب النية زيادة على النص والزيادة على النص نسخ ونسخ القرآن بخبر الواحد وبالقياس غير جائز. وأجيب عنه: بأنا إنما أوجبنا النية في الوضوء بدلالة القرآن وهو قوله تعالى: { { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [البينة: 5] وأما حد الوجه، فمن منابت شعر الرأس إلى منتهى الذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً لأنه مأخوذ من المواجهة فيجب غسل جميع الوجه في الوضوء ويجب إيصال الماء إلى ما تحت الحاجبين وأهداب العينين والعذارين والشارب والعنفقة وإن كانت كثة. وأما اللحية فإن كانت كثة لا ترى البشرة من تحتها لا يجب غسل ما تحتها ويجب غسل ما تحت اللحية الخفيفة وهل يجب إمرار الماء على ظاهر ما نزل من اللحية عن الذقن؟ فيه قولان: أحدهما وبه قال أبو حنيفة، لا يجب لأن الشعر النازل عن حد الرأس لا يكون حكمه حكم الرأس في المسح فكذلك حكم الشعر النازل عن حد الوجه لا يجب غسله. والقول الثاني يجب إمرار الماء على ظاهره لأن الوجه مأخوذ من المواجهة فتدخل جميع اللحية في حكم الوجه. الفرض الثاني قوله تعالى: { وأيديكم إلى المرافق } يعني: واغسلوا أيديكم إلى المرافق والمِرافق بالكسر هو من الإنسان أعلىالذراع وأسفل العضد. وذهب جمهور العلماء إلى وجوب إدخال المرفقين في الغسل ونقل عن مالك والشافعي وزفر وأبي بكر بن داود الظاهري، أنه لا يجب إدخال المرفقين في الغسل واختاره ابن جرير الطبري. ونقل عن مالك: وقد سئل عن قول الله عز وجل: { فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } فقال: الذي آمر به أن يبلغ المرفقين في الغسل لا يجاوزهما وحجة أصحاب هذا القول أن كلمة إلى لانتهاء الغاية وما يجعل غاية للحكم يكون خارجاً عنه كما في قوله تعالى: { { ثم أتموا الصيام إلى الليل } [البقرة: 187] ولأن الحد لا يدخل في المحدود فوجب أن لا يجب غسل المرفقين في الوضوء وحجة الجمهور أن كلمة إلى هنا بمعنى مع ومنه قوله تعالى: { { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } [النساء: 2] أي مع أموالكم ويعضده من السنة ما صح من حديث أبي هريرة أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل اليمنى حتى أشرع في العضد ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ. والجواب عن الحجة المتقدمة إن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه كما في هذه الآية لأن المرفق من جنس اليد وإذا لم يكن من جنس المحدود لم يدخل فيه كما في قوله تعالى: { { ثم أتموا الصيام إلى الليل } [البقرة: 187] لأن النهار من غير جنس الليل فلا يدخل فيه. الفرض الثالث: قوله تعالى: { وامسحوا برؤوسكم } اختلف العلماء في القدر الذي يجب مسحه من الرأس فقال مالك يجب مسح جميعه وهو إحدى الروايتين عن أحمد والرواية الأخرى عنه أنه يجب مسح أكثره وقال أبو حنيفة: يجب مسح ربعه. وفي رواية أخرى عنه: يجب مسح قدر ثلاثة أصابع منه وقال الشافعي والواجب مسح ما ينطلق عليه اسم المسح والمراد إلصاق المسح بالرأس وماسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح بالرأس فأخذ مالك بالاحتياط فأوجب الاستيعاب وأخذ الشافعي باليقين فأوجب مسح ما يقع عليه اسم المسح وأخذ أبو حنيفة ببيان السنة وهو ما روي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين متفق عليه وقدر الناصية بربع الرأس. الفرض الرابع: قوله تعالى: { وأرجلكم إلى الكعبين } اختلف العلماء في هذا الحكم. وهل فرض الرجلين المسح أو الغسل؟ فروي عن ابن عباس أنه قال: الوضوء غسلتان ومسحتان. ويروى ذلك عن قتادة أيضاً. ويروى عن أنس أنه قال: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل. وعن عكرمة قال: ليس في الرجلين إنما نزل فيهما المسح. وعن الشعبي أنه قال: إنما هو المسح عن الرجلين. ألا ترى إن ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمم وما كان عليه المسح أهمل. ومذهب الإمامية من الشيعة: أن الواجب في الرجلين المسح.
وقال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم والأئمة الأربعة وأصحابهم: إن فرض الرجلين هو الغسل. وقال داود الظاهري: يجب الجمع بينهما. وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري: المكلف مخير بين الغسل والمسح. وسبب هذا الاختلاف، اختلاف القراء في هذا الحرف. فقرأ نافع وابن عامر والكسائي وحفص عن عاصم: وأرجلكم بفتح اللام عطفاً على الغسل فيكون من المؤخر الذي معناه التقديم ويكون المعنى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم. وقال أصحاب هذه القراءة: إنما أمر الله عباده بغسل الأرجل دون مسحها ويدل عليه أيضاً فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين فمن بعدهم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم وأرجلكم بكسر اللام عطفاً على المسح. أما قراءة النصب فالمعنى فيها ظاهر لأنه عطف على المغسول لوجوب غسل الرجلين على مذهب الجمهور ولا يقدح فيه قول من خالف. وأما قراءة الكسر فقد اختلفوا في معناها والجواب عنها فقال أبو حاتم وابن الأنباري وأبو علي الكسر عطف على الممسوح، غير أن المراد بالمسح في الأرجل الغسل. وقال أبو زيد: المسح خفيف الغسل لقول العرب تمسحت للصلاة بمعنى توضأت لها وهات ما أتمسح به للصلاة بمعنى أتوضأ.
قال أبو حاتم: وذلك أن المتوضىء لا يرضى بصب الماء على أعضائه حتى يمسحها مع الغسل فسمي الغسل مسحاً بهذا الاعتبار فعلى هذا الرأس والرجل ممسوحاً إلا أن مسح الرأس أخف. والذي يدل على أن المراد بالمسح في الرجل الغسل ذكر التحديد وهو قوله تعالى: إلى الكعبين لأن التحديد إنما جاء في المغسول ولم يجىء في الممسوح فلما وقع التحديد مع المسح علم أنه في حكم الغسل. وقال جماعة من العلماء: إن الأرجل معطوفة على الرؤوس في الظاهر والمراد فيها الغسل لأنه قد ينسق بالشيء على غيره والحكم فيهما مختلف كما قال الشاعر:

يـا ليـت بعلك قد غدامتقلداً سيفاً ورمحا

والمعنى: وحاملاً رمحاً لأن الرمح لا يتقلد به وكذلك قول الآخرين. علفتها تبناً وماء بارداً. يعني وسقيتها ماء بارداً. وكذلك المعنى في الآية وامسحوا برؤوسكم واغسلوا أرجلكم فلما لم يذكر الغسل وعطفت الأرجل على الرؤوس في الظاهر اكتفى بقيام الدليل على أن الأرجل مغسولة من مفهوم الآية والأحاديث الصحيحة الواردة بغسل الرجلين في الوضوء. وأما من جعل كسر اللام في الأرجل على مجاورة اللفظ دون الحكم واستدل بقولهم: جحر ضب خرب. وقال: الخرب نعت للجحر لا للضب وإنما أخذ إعراب الضب للمجاورة فليس يجيد لأن الكسر على المجاورة إنما يحمل لأجل الضرورة في الشعر أو يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس لأن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر ولأن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف.
أما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب وقوله تعالى { إلى الكعبين } فيه دليل قاطع على وجوب غسل الكعبين كما في وجوب غسل الرجلين كما في قوله تعالى: { وأيديكم إلى المرافق } والمعنى: واغسلوا أرجلكم مع الكعبين وقد تقدم اختلاف العلماء في ذلك عند قوله إلى المرافق، والكعبان: هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم هذا قول جمهور العلماء من أهل الفقه واللغة وشذت الشيعة، ومن قال بمسح الرجلين. فقال: الكعب عبارة عن عظم مستدير على ظهر القدم ويدل على بطلان هذا القول أن الكعب لو كان على ما ذكره لكان في كل رجل كعب واحد فكان ينبغي أن يقال: وأرجلكم إلى الكعاب كما في قوله تعالى: { وأيديكم إلى المرافق } فلما قال إلى الكعبين علم أن لكل رجل كعبين فبطل ما قالوه وثبت قول الجمهور.
(فصل)
قد تقدم أن الفروض المذكورة في هذه الآية أربعة: وهي غسل الوجه وغسل اليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين وقد تقدم استدلال الشافعي بهذه الآية على وجوب النية في الوضوء فصارت فرضاً خامساً. وذهب الشافعي ومالك وأحمد إلى وجوب الترتيب في الوضوء، وهو أن يغسل الأعضاء في الوضوء على الولاء كما ذكره الله في هذه الآية فيغسل أولاً وجهه ثم يده ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه، فصار الترتيب فرضاً سادساً. وذهب أبو حنيفة، إلى أن الترتيب في الوضوء غير واجب احتج الشافعي على وجوب الترتيب بهذه الآية وذلك أن الله تعالى أمر بغسل الوجه ثم بغسل اليدين ثم بمسح الرأس ثم بغسل الرجلين فوجب أن يقع الفعل مرتباً كما أمر الله تعالى ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حجة الوداع
"ابدأ بما بدأ الله به" وهذا الحديث، وإن ورد في قصة السعي بين الصفا والمروة، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء ما وردت إلا مرتبة كما ورد في نص الآية ولم ينقل عنه ولا عن غيره من الصحابة أنه توضأ منكساً أو غير مرتب، فثبت أن ترتيب أفعال الوضوء كما أمر الله تعالى ونص عليه في هذه الآية واجب واحتج. أبو حنيفة لمذهبه بهذه الآية أيضاً. وذلك أن الواو لا توجب الترتيب، فإذا قلنا بوجوب الترتيب صار ذلك زيادة على النص وذلك غير جائز وأجيب عنه بأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ إلا مرتباً كما ذكر وبيان الكتاب إنما يؤخذ من السنة.
(فصل في ذكر الأحاديث التي وردت في صفة الوضوء وفضله)
(ق) عن حمران مولى عثمان بن عفان "أن عثمان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثاً ويديه إلى المرفقين ثلاثاً ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال:
" "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه" (ق).
عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري "قيل له توضأ لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بإناء فأفرغ منه على يديه ثلاثاً ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثاً ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثم قال هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم" زاد في رواية بعد قوله: "فأقبل بيديه وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه".
عن عبد خير قال: أتانا علي كرم الله وجهه وقد صلى فدعا بطهور فقلنا ما يصنع بالطهور وقد صلى ما يريد إلا ليعلمنا فأتى بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الإناء على يمينه فغسل يده ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً فمضمض ونثر من كف يأخذ منه ثم غسل وجهه ثلاثاً وغسل يده اليمين ثلاثاً وغسل الشمال ثلاثاً ثم جعل يده في الإناء فمسح رأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً ورجله الشمال ثلاثاً ثم جعل يده في الإناء فمسح رأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً ورجله الشمال ثلاثاً ثم قال:" من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا" أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص
"أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً ثم غسل وجهه ثلاثاً ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثم مسح برأسه فأدخل اصبعيه السبابتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو قال ظلم وأساء" أخرجه أبو داود.
وعن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" أخرجه الترمذي وصححه (ق) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لم يغسل عقبه فقال:
"ويل للأعقاب من النار" (م) عن جابر قال: أخبرني عمر بن الخطاب "أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارجع وأحسِن وضوءك قال فرجع فتوضأ ثم صلى" أخرجه مسلم عن خالد عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة" أخرجه أبو داود (ق) عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادانا بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثاً" عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة" أخرجه البخاري عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين أخرجه أبو داود والترمذي. وقال وقد روي عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً" (م).
عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يحدث الناس فأدركت من قوله
"ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة" فقلت ما أجود هذا فإذا قائل بين يدي يقول التي قبلها أجود فنظرت فإذا عمر قال: إني قد رأيتك جئت آنفاً قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" (م).
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب" (ق) عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" وفي رواية قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد ثم مسح رأسه ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله" .
وفي رواية لمسلم قال: سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات" أخرجه الترمذي.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" أخرجه أبو داود وابن ماجه. وقوله تعالى: { وإن كنتم جنباً فاطهروا } أي اغتسلوا أمر الله بالاغتسال من الجنابة وذلك يجب على الرجل والمرأة بأحد شيئين: إما بخروج المني على أي صفة كان من احتلام أوغيره أو بالتقاء الختانين وإن لم يكن معه إنزال فإذا حصل وجب الغسل (ق).
عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء يخلل بهما أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيده ثم يفيض الماء على سائر جسده" أو قوله تعالى: { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } فقد تقدم تفسيره وأحكامه في تفسير سورة النساء وفي قوله تعالى منه دليل على أنه يجب مسح الوجه واليدين بالصعيد وهو التراب. وقوله تعالى: { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } يعني من ضيق بما فرض عليكم من الوضوء والغسل والتيمم عند عدم الماء { ولكن يريد ليطهركم } يعني من الاحداث والذنوب والخطايا لأن الوضوء تكفير للذنوب { لعلكم تشكرون } يعني تشكرون نعمة الله عليكم بأن طهركم من الاحداث والذنوب وما جعل عليكم في الدين من حرج.