خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
١
إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
٢
-يوسف

البحر المحيط

هذه السورة مكية كلها. وقال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات من أولها. وسبب نزولها أن كفار مكة أمرتهم اليهود أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبب الذي أحل بني إسرائيل بمصر فنزلت. وقيل: سببه تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما كان يفعل به قومه بما فعل إخوة يوسف به. وقيل: سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحدثهم أمر يعقوب وولده، وشأن يوسف. وقال سعد بن أبي وقاص: أنزل القرآن فتلاه عليهم زماناً فقالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا، فنزلت.

ووجه مناسبتها لما قبلها وارتباطها أن في آخر السورة التي قبلها: { وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } [هود: 120] وكان في تلك الأنباء المقصوصة فيها ما لاقى الأنبياء من قومهم، فاتبع ذلك بقصة يوسف، وما لاقاه من أخوته، وما آلت إليه حاله من حسن العاقبة، ليحصل للرسول صلى الله عليه وسلم التسلية الجامعة لما يلاقيه من أذى البعيد والقريب. وجاءت هذه القصة مطولة مستوفاة، فلذلك لم يتكرر في القرآن إلا ما أخبر به مؤمن آل فرعون في سورة غافر. والإشارة بتلك آيات إلى الر وسائر حروف المعجم التي تركبت منها آيات القرآن، أو إلى التوراة والإنجيل، أو الآيات التي ذكرت في سورة هود، أو إلى آيات السورة. والكتاب المبين السورة أي: تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة أقوال. والظاهر أنّ المراد بالكتاب القرآن. والمبين إما البين في نفسه الظاهر أمره في إعجاز العرب وتبكيتهم، وإما المبين الحلال والحرام والحدود والأحكام وما يحتاج إليه من أمر الدين، قاله: ابن عباس ومجاهد، أو المبين الهدى والرشد والبركة قاله قتادة، أو المبين ما سألت عنه اليهود، أو ما أمرت أن يسأل من حال انتقال يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف، أو المبين من جهة بيان اللسان العربي وجودته، إذ فيه ستة أحرف لم تجمع في لسان، روي هذا عن معاذ بن جبل. قال المفسرون: وهي الطاء، والظاء، والضاد، والصاد، والعين، والخاء انتهى. والضمير في إنا أنزلناه، عائد على الكتاب الذي فيه قصة يوسف، وقيل: على القرآن، وقيل: على نبأ يوسف، قاله الزجاج وابن الأنباري. وقيل: هو ضمير الإنزال. وقرآناً هو المطعوف به، وهذان ضعيفان. وانتصب قرآناً، قيل: على البدل من الضمير، وقيل على الحال الموطئة. وسمي القرآن قرآناً لأنه اسم جنس يقع على القليل والكثير، وعربياً منسوب إلى العرب. والعرب جمع عربي، كروم ورومي، وعربة ناحية دار إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. قال الشاعر:

وعربة أرض ما يحل حرامها من الناس إلا اللوذعي الحلاحل

ويعني النبي صلى الله عليه وسلم أحلت له مكة. وسكن راء عربة الشاعر ضرورة. قيل: وإن شئت نسبت القرآن إليها ابتداء أي: على لغة أهل هذه الناحية. لعلكم تعقلون ما تضمن من المعاني، واحتوى عليه من البلاغة والإعجاز فتؤمنون، إذ لو كان بغير العربية لقيل: { { لولا فصلت آياته } [فصلت: 44].