خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٢٠
-البقرة

التفسير

قوله تعالى: { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ... }.
ابن عرفة: تضمنت الآية أنّ للموصى في خلطه بمال اليتيم ثلاث حالات: النظر في المصلحة، والنظر في المفسدة، والنظر المطلق.
والأول مستفاد من قوله: "قٌلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ".
والثاني من قوله: "وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ".
والثالث من لفظ "إِخْوَانُكُمْ" فإنه يقتضي التساوي. والظاهر أن "خير" مبتدا "وإصلاح" خبر لتكون (الخبرية) محصورة فيه. ولو جعلنا "إصلاح" مبتدأ "وخير" خبرا لاحتمل أمرين: أحدهما: أن يراد أن الفساد خير لأن (المختلقات) يمكن اجتماعها في شيء واحد. والثاني: أن الكفارات خير.
قوله تعالى: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ... }.
في الآية سؤال وهو أن القاعدة في التمييز أن يميز القليل من الكثير وتقرر في الوجود وفي الشرع أن الفساد أكثر من الصلاح.
قال الله عز وجل في سورة غافر:
{ { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لأَتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
}. قال ابن عرفة: والجواب أنه باعتبار الطلب لا باعتبار الوجود الخارجي فنبه بالآية على أنّ المطلوب تكثير الصّلاح وتقليل الفساد حتى يكون في الوجود أكثر من الفساد.
قيل لابن عرفة: أو إشارة إلى عموم علم الله تعالى ما قلتموه في السؤال إنما يكون في المخلوقين لقصورهم وعجز إدراكهم، فيكون تمييز القليل من الكثير أهون عليهم من العكس.
قلت: أو يجاب بأن الآية خرجت مخرج التخويف فالمناسب فيها تعلق العلم والقدرة بالمفسد ليميز من المصلح. انتهى.
قوله تعالى: { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
قال ابن عرفة: وهي حجة لأهل السنة في قوله: إن تكليف ما لا يطاق جائز غير واقع.
قيل له: قد تقدم لكم أن الشرط يتركب من المحال؟
فقال: إن الآية خرجت مخرج التمدح بكمال قدرة الله تعالى والامتنان على خلقه بتيسير التكليف، والتَّمدح إنما يكون بالجائز.
وهذا نظير جواب الجزري المتقدم في
{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ
}.