خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
١٥
مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ
١٦
-إبراهيم

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }: { ٱسْتَفْتَحُواْ }: أي: طلبوا الحُكْم، و«الفَتَّاح» الحاكم، والمعنَى: أنَّ الرسل ٱستفتحوا، أيْ: سألوا اللَّه تبارَكَ وتعالَى إِنفاذَ الحُكْمِ بنصرهم.

وقيل: بلِ ٱستفتَحَ الكفَّارُ على نحو قولِ قريشٍ: { { عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا... } [ص:16] وعلى نحو قول أبي جَهْل يوم بَدْرٍ: اللَّهم، أقطعنا للرَّحِمِ، وأتيانا بمَا لاَ نَعْرِفُ، فٱحْنِهِ الغَدَاةَ، وهذا قولُ ابنِ زيدٍ، وقرأَتْ فرقةٌ: «وَٱسْتَفْتِحُوا» - بكسر التاء -؛ على معنى الأمر للرسُلِ، وهي قراءَة ابن عبَّاس ومجاهدٍ وابن مُحَيْصِنٍ: { وَخَابَ }: معناه: خسر ولم ينجحْ، والـــ { جَبَّارٍ }: المتعظِّم في نفسه، والــ { عَنِيدٍ }: الذي يعاند ولا يناقد.

وقوله: { مِّن وَرَائِهِ }: قال الطبري وغيره: مِنْ أمامه، وعلى ذلك حملوا قوله تعالى: { { وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ } [الكهف:79]، وليس الأمر كما ذكروا، بل الوَرَاءُ هنا وهنَاكَ على بابه، أي: هو ما يأتي بَعْدُ في الزمان، وذلك أن التقدير في هذه الحَوَادِثِ بالأَمَامِ والوراءِ، إِنما هو بالزَّمَانِ، وما تقدَّم فهو أمام، وهو بَيْن اليد؛ كما نقول في التوراة والإِنجيل: إنهما بيْنَ يدَي القرآن، والقرآنُ وراءهم، وعلَى هذا فما تأخَّر في الزمَانِ فهو وراء المتقدِّم، { وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ }: «الصديد»: القَيْح والدمُ، وهو ما يسيلُ من أجْسَادِ أهْلِ النَّار؛ قاله مجاهد والضَّحَّاك.