خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ
٧٨
فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ
٧٩
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ
٨٠
وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٨١
وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ
٨٢
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
٨٣
فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٨٤
-الحجر

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَإِن كَانَ أَصْحَـٰبُ ٱلأَيْكَةِ لَظَـٰلِمِينَ * فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ }: { الأَيْكَةِ }: الغَيْضة والشجَرُ الملتفُّ المُخْضَرُّ، قال الشاعر: [الطويل]

أَلاَ إِنَّمَا الدُّنْيَا غَضَارَةُ أَيْكَةٍإِذا اخْضَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ جَفَّ جَانِبُ

وكان هؤلاءِ قوماً يسكنون غَيْضَة، ويرتَفِقُون بها في معايِشِهم، فبعث إِليهم شعيبٌ، فكفروا به، فسَلَّط اللَّه عليهم الحَرَّ، فدام عليهم سبعةَ أيام، ثم رَأَوْا سحابة، فخرجُوا، فٱستظلُّوا بها، فأمطرتْ عليهم ناراً، وحكى الطبريُّ قال: بُعِثَ شعيبٌ إِلى أَمَّتَيْنِ، فكفرتا، فعُذِّبتا بعذابَيْنِ مختلفينِ: أهْلِ مَدْيَنَ عَذِّبوا بالصيحة، وأصْحَابِ الأيكة بالظُّلَّة.

وقوله: { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ }: الضميرُ في «وإنهما»: يحتملُ أنْ يعود على مدينةِ قومِ لوطٍ، ومدينة أصحابِ الأيْكَة، ويحتملُ أنْ يعود على لُوطٍ وشُعَيْبٍ عليهما السلام، أي: أنهما على طريقٍ من اللَّه وشَرْعٍ مبينٍ، و«الإِمامُ»، في كلام العرب: الشيء الذي يهتدى به، ويؤتَمُّ به؛ فقد يكون الطريقَ، وقد يكون الكتابَ، وقد يكونُ الرَّجُلَ المقتدَى به، ونَحْوَ هذا، ومَنْ رأى عودَ الضميرِ على المدينتين، قال: «الإِمام»: الطريقُ، وقيل على ذلك الكتاب الذي سبق فيه إِهلاكهما، و{ أَصْحَـٰبُ ٱلحِجْرِ }: هم ثمود، وقد تقدَّم قصصهم، و«الحِجْر»: مدينتهم، وهي ما بين المدينةِ وتَبُوك، وقال: { ٱلْمُرْسَلِينَ }؛ من حيث يلزم من تكذيبِ رسولٍ واحدٍ تكذيبَ الجميع، إِذِ القولُ في المعتَقَدَاتِ واحدٌ.

وقوله: { يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ }: «النحت»: النَّقْر بالمعاوِلِ، و«آمنين»: قيل: معناه: من ٱنهدامها، وقيل: مِنْ حوادِثِ الدنيا، وقيل: من الموتِ؛ لاغترارهم بطول الأعمار، وأصحُّ ما يظهر في ذلك؛ أنهم كانوا يأمنون عواقِبَ الآخرة، فكانوا لا يعمَلُونَ بحسبها.