خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١١٠
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
١١١
-النحل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَـاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ... } الآية: قال ابنُ إسحاق: نزلَتْ هذه الآية في عَمَّار بنَ ياسِرٍ، وعَيَّاشِ بنِ أبيَ رَبيَعَةَ، والوليدِ بنِ الوليد.

قال * ع *: وذِكْرُ عَمَّارٍ في هذا عنْدي غيْرُ قويمٍ، فإنَهُ أرَفَعُ من طبقة هؤلاءِ، وإِنما هؤلاء مَنْ تَابَ ممَّن شرَحَ بالكُفْرِ صدراً، فتح اللَّه له بابَ التوبة في آخر الآية، وقال عكرمةُ والحَسَن: نزلَتْ هذه الآية في شَأنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سَرْحٍ وأشباهه فكأنه يقول: مِنْ بَعْدِ ما فَتَنَهم الشَّيطانُ، وهذه الآية مدنية بلا خلافٍ، وإِن وجد، فهو ضعيفٌ، وقرأ الجمهور: «مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا»؛ مبنيًّا للمفعول، وقرأ ابن عامر وحْده: «مَنْ بَعْدِ ما فَتَنُوا» - بفتح الفاء والتاء أي فَتَنُوا أنفسهم، والضمير في { بَعْدِهَا } عائدٌ على الفِتْنَةِ، أو على الفَعْلة، أو الهجْرةُ، أو التوبة، والكلامُ يعطيها، وإن لم يَجْر لها ذكْرٌ صريُحُ.

وقوله: { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ }: المعنى لغفورٌ رحيمٌ «ونَفْس» الأولى: هي النفْسُ المعروفةُ، والثانية هي بمعنى الذَّاتِ.

* ت *: قال المهدويُّ: يجوز أنْ ينتصب { يَوْمَ }؛ على تقدير لغَفُورٌ رحيمٌ يَوْمَ، فلا يوقَفُ على { رَّحِيمٌ }.

وقال * ص *: { يَوْمَ } تأتي ظرفٌ منصوبٌ بـــ { رَّحِيمٌ } أو مفعولٌ به بـــ «ٱذْكُرْ» انتهى، وهذا الأخير أظهر، والله أعلم.

وقوله سبحانه: { وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ }، أي: يجازى كلُّ منْ أحْسَن بإحسانه، وكلُّ من أساء بإِساءته.