خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
٢٦
ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٢٧
ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٨
فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ
٢٩
-النحل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُم... } الآية: قال ابنُ عبَّاس وغيره من المفسِّرين: الإِشارة بـــ { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } إِلى نَمْرُوذَ الذي بنَى صَرْحاً؛ ليَصْعَدَ فيه إِلى السماء بزعمه، فلما أَفرَطَ في عُلُوِّه، وطَوَّلَهُ في السماء فَرْسَخَيْنِ؛ على ما حكَى النَّقَّاش، بعث اللَّه عليه ريحاً، فهدَمَتْه، وخَرَّ سقفه عليه، وعلى أتباعه، وقيل: إِن جبريلَ هَدَمَهُ بِجَنَاحِهِ، وألقَى أعلاه في البَحْر، وٱنْجَعَفَ من أسفله، وقالت فرقة: المراد بـــ { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }: جميعُ مَنْ كَفَر من الأمم المتقدِّمة، ومكَر، ونزلَتْ به عقوبةٌ، وقوله؛ على هذا: { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُم مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ... } إلى آخر الآية، تمثيلٌ وتشبيهٌ، أي: حالُهم كحَالِ مَنْ فُعِلَ به هذا.

وقوله: { يُخْزِيهِمْ }: لفظٌ يعمُّ جميع المكارِهِ التي تَنْزِلُ بهم؛ وذلك كلُّه راجعٌ إِلى إِدخالهم النَّار، ودخولهم فيها.

و{ تُشَـٰقُّونَ }: معناه: تحاربون، أي: تكُونُونَ في شِقٍّ، والحَقُّ في شِقٍّ، و{ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ }: هم الملائكةُ فيما قال بعضُ المفسِّرين، وقال يحيى بن سلام: هم المؤمنون.

قال * ع *: والصوابُ أن يعمَّ جميعَ مَنْ آتاه اللَّه عِلْمَ ذلك مِنْ ملائكةٍ وأنبياء وغيرهم، وقد تقدَّم تفسير الخِزْي، وأنه الفضيحةُ المُخْجلة، وفي الحديث: "إِنَّ العَارَ وَالتَّخْزِيَةَ لَتَبْلُغُ مِنَ العَبْدِ فِي المَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يُنْطَلَقَ بِهِ إِلَى النَّارِ وَيَنْجُوَ مِنْ ذَلِكَ المَقَامِ" أخرجه البغويُّ في «المسند المنتخب» له. انتهى من «الكوكب الدري».

وقوله سبحانه: { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ }: { ٱلَّذِينَ }: نعتٌ لـــ { ٱلْكَـٰفِرِينَ }؛ في قول أكْثر المتأوِّلين، و{ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } يريد القابضِينَ لأرواحهم، و{ ٱلسَّلَمَ }؛ هنا: ٱلاستسلامُ، واللام في قوله: { فَلَبِئْسَ } لامُ تأكيد، والـــ { مَثْوَى }: موضعُ الإِقامة.