خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ
٤٨
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
٤٩
يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
٥٠
وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ
٥١
وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ
٥٢
وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
٥٣
-النحل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ... } الآية: قوله: { مِن شَيْءٍ } لفظٌ عامٌّ في كلِّ شخصٍ وجرْمٍ له ظلٌّ كالجبال والشجر وغير ذلك، وفَاءَ الظِّلُّ رجَعَ، ولا يقالُ: الفيء إلاَّ مِنْ بعد الزوال؛ في مشهور كلام العرب، لكنْ هذه الآية: الاعتبار فيها من أول النَّهار إلى آخره فكأنَّ الآية جاريةٌ في بعْضٍ؛ على تجوُّز كلام العرب واقتضائه، والرؤية، هنا: رؤيةُ القَلْبُ ولكنَّ الاعتبار برؤية القلب هنا إنما تكونُ في مرئيَّات بالعينِ، و{ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ }؛ هنا: فيه تجوُّز وآتساعٌ، وذكَرَ الطبريُّ عن الضَّحِّاك، قال: إذا زالَتِ الشمْسُ، سَجَدَ كلّ شيء قِبَلَ القبْلة من نَبْت أو شجر؛ ولذلك كان الصالحُونَ يستحبُّون الصلاة في ذلك الوقْت. قال الداووديُّ: وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَال تُحْسَبُ بِمِثْلِهِنَّ في صَلاَةِ السَّحَرِ قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ إِلاَّ يُسَبِّحُ للَّهِ تِلْكَ السَّاعَةَ" وقرأ: { يَتَفَيَّأُ ظِلَـٰلُهُ... } الآية كلُّها. انتهى. و«الدَّاخر»: المتصاغر المتواضع.

وقوله سبحانه: { يَخَـافُونَ رَبَّهُمْ }: عامٌّ لجميع الحيوانِ، و{ مِّن فَوْقِهِم }: يريد: فوقية القَدْر والعَظَمة والقَهْر.

وقوله سبحانه: { وَلَهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ }: { ٱلسَّمَـٰوَاتِ } هنا: كلُّ ما ٱرتفَعَ مِنَ الخلق من جهة فَوْقُ، فيدخل في ذلك العرشُ والكرسيُّ وغيرهما، و{ ٱلدِّينِ }: الطاعة والمُلْك، و«الواصب»: الدائم؛ قاله ابن عباس.

ثم ذكَّر سبحانه بِنِعَمِهِ، ثم ذَكَّر بأوقاتِ المَرَضِ، وٱلتجاءِ العِباد إِليه سبحانه، و«الضُّرُّ»، وإِن كان يعمُّ كل مكروه، فأكثرُ ما يجيء عن أرزاء البَدَنِ، و{ تَجْـئَرُونَ } معناه: ترفعون أصواتكم بٱستغاثة وتضرُّع.