خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً
٣١
وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً
٣٢
وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً
٣٣
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً
٣٤
وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٣٥
-الإسراء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـٰقٍ... } الآية: نَهْيٌ عن الوأْدِ الذي كانت العرب تفعله، «والإِملاق». الفقر وعَدَم المال، وروى أبو داود عن ابن عباس، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَلمْ يَئِدْهَا، ولَمْ يُهِنْهَا، وَلَمْ يُؤثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا - قال: يَعْني الذُّكُورَ - أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنة" انتهى. والحق الذي تُقْتَلُ به النفس: قد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لاَ يُحِلُّ دَمَ المُسْلِمِ إلاَّ إحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: كُفْرُ بَعْدَ إِيمَانٍ، أو زناً بَعْدَ إِحْصَانٍ، أوْ قَتْلُ نَفْسٍ" أي: وما في هذا المعنى مِنْ حرابةٍ أو زندقةً ونحو ذلك.

{ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا } أي: بغير الوجوه المذكورة، { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَـٰناً }، ولا مدخل للنساء في ولاية الدَّمِ؛ عند جماعة من العلماءِ، ولهنَّ ذلك عند آخرين، «والسلطان»: الحجة والملك الذي جُعِلَ إِليه من التخيير في قبول الدية أو العفو؛ قاله ابن عبَّاس. قال البخاريُّ: قال ابن عباس: كلُّ سلطانٍ في القرآن فهو حُجَّة. انتهى، وقال قتادةُ: «السلطان» القود.

وقوله سبحانه: { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } المعنى: فلا يَتَعَدَّ الوليُّ أمْرَ اللَّه بأنْ يقتل غير قاتِلِ وليِّه، أو يقتل ٱثنَيْن بواحدٍ إلى غير ذلك من وجوه التعدِّي، وقرأ حمزة والكسائيُّ، وابن عامر: «فَلاَ تُسْرِفْ» - بالتاء من فوق -، قال الطبري: على الخطاب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده.

قال * ع *: ويصحَّ أنْ يراد به الوليُّ، أي: فلا تسرفْ أيُّها الولي، والضميرُ في «إِنه» عائدٌ على «الوليِّ»، وقيل: على المقتول، وفي قراءة أبي بن كعب: «فَلاَ تُسْرُفوا في القِتَال إِنَّ وليَّ المَقْتُول كانَ مَنْصُوراً»، وباقي الآية تقدَّم بيانه، قال الحسن: { القِسْطَاسِ } هو القَبَّان، وهو القرسطون، وقيل: { القِسْطَاسِ }: هو الميزانُ، صغيراً كان أو كبيراً.

قال * ع *: وسمعت أبيرحمه الله تعالى يَقُولُ: رأيْتُ الواعِظَ أبا الفضْلِ الجَوْهَرِيَّرحمه الله في جامعِ عمرو بن العاص يعظُ النَّاسَ في الوزْن، فقال في جملة كلامه: إِن في هيئة اليَدِ بالميزانِ عِظَةً، وذلك أنَّ الأصابعَ يجيءُ منها صُوَرةُ المكتوبة ألف ولامَانِ وهاء، فكأنَّ الميزان يقولُ: اللَّه، اللَّه.

قال * ع *: وهذا وعظٌ جميلٌ، «والتأويل»، في هذه الآية المآلُ؛ قاله قتادة، ويحتمل أنْ يكون التأويلُ مصدر تأولَّ، أي: يتأول عليكم الخَيْر في جميع أموركم، إِذا أحسنتم الكيلَ والوَزْن.

وقال * ص *: { تَأْوِيلاً } أي: عاقبةً انتهى.