خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
٩٦
قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
٩٧
-البقرة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٍ } الآية: وحرصهم على الحياة لمعرفتهم بذنوبهم، وأن لا خير لهم عند اللَّه تعالَىٰ.

وقوله تعالى: { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ }: قيل: المعنى: وأحرصُ من الذين أشركوا لأن مشركِي العَرَبِ لا يعرفون إلا هذه الحياة الدنيا، والضمير في { أَحَدُهُمْ } يعودُ في هذا القول على اليهودِ، وقيل: إِن الكلام تَمَّ في حياةٍ، ثم ٱسْتُؤْنِفَ الإِخبار عن طائفة من المشركين؛ أنهم يودُّ أحدهم لو يُعمَّر ألف سنَةٍ، والزحزحة الإبعاد والتنحية، وفي قوله تعالى: { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } وعيدٌ.

وقوله تعالَىٰ: { قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ... } الآيةَ: أجمع أهل التفْسير؛ أن اليهود قالتْ: جبريلُ عدوُّنا، واختلف في كيفيَّة ذلك، فقيل: "إن يهود فَدَك قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: نَسْأَلُكَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ عَرَفْتَهَا، ٱتَّبَعْنَاكَ، فَسَأَلُوهُ عَمَّا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ، فَقَالَ: لُحُومُ الإِبِلِ، وأَلْبَانُهَا، وَسَأَلُوهُ عَنِ الشَّبَهِ فِي الوَلَدِ، فَقَالَ: أَيُّ مَاءٍ عَلاَ، كَانَ لَهُ الشَّبَهُ، وَسَأَلُوهُ عَنْ نَوْمِهِ، فَقَالَ: تَنَامُ عَيْنِي، وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي، وَسَأَلُوهُ عَنْ مَنْ يَجِيئُهُ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَقَالَ: جِبْرِيلُ، فَلَمَّا ذَكَرَهُ، قَالُوا: ذَاكَ عَدُوُّنَا؛ لأنَّهُ مَلَكُ الحَرْبِ، وَالشَّدَائِدِ، وَالجَدْبِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَجِيئُكَ مِيكَائِيلُ مَلَكُ الرَّحْمَةِ، وَالخِصْب، والأَمْطَار، لاتَّبَعْنَاكَ" .

وَفِي جِبْرِيلَ لغاتٌ:

جِبْرِيلُ؛ بكسر الجيم والراء من غير همز، وبها قرأ نافع، وجَبْرِيلُ، بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز، وبها قرأ ابن كثير، وروي عنه؛ أنه قال: رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ وهو يَقُرَأُ: جَبْرِيلَ وَمِيكَالَ، فلا أزال أقرأها أبداً كذلك.

* ت *: يعني، واللَّه أعلم: مع ٱعتماده علَىٰ روايتها، قال الثعلبيُّ: والصحيح المشهورُ عن ابْن كَثِيرٍ ما تقدَّم من فتح الجيم، لا ما حُكِيَ عنه في الرؤْيَا من كَسْرها. انتهى.

وذكر ابن عبَّاس وغيره؛ أنَّ جِبْر، ومِيك، وإِسْرَاف هي كلُّها بالأعجميَّة بمعنَىٰ عَبْد وممْلُوك، وإِيلُ: اللَّهُ.

وقوله تعالَىٰ: { فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ } الضمير في «إِنَّهُ» عائد على اللَّه تعالَىٰ، وفي «نَزَّلَهُ» عائدٌ على «جِبْرِيل»، أي: بالقرآن، وسائر الوحْي، وقيل: الضمير في «إنَّهُ» عائدٌ على جبريل، وفي «نَزَّلَهُ» عائد على القرآن، وخص القلب بالذِّكْر؛ لأنه موضع العقْل والعلْم، وتلقِّي المعارف.

و { بِإِذْنِ ٱللَّهِ }: معناه: بعلْمه وتمكينه إِياه من هذه المنزلة، و { مُصَدِّقاً }: حالٌ من ضمير القرآن في «نَزَّلَهُ»، و { مَا بَيْنَ يَدَيْهِ }: ما تقدَّمه من كتب اللَّه تعالَىٰ، { وَهُدًى }، أي: إِرشاد.