خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ
١٠٢
لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
١٠٣
يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ
١٠٤
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ
١٠٥
-الأنبياء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } هذه صفة الذين سبقت لهم الحسنى، وذلك بعد دخولهم الجنة؛ لأَنَّ الحديث يقتضي أَنَّ في الموقف تزفر جهنم زفرةً لا يبقى نبيٌّ ولا مَلَكٌ إلاَّ جثا على ركبتيه، قال البخاريُّ: الحسيس والحس: واحد، وهو الصوتُ الخفيُّ، انتهى. والفزع الأكبر عامٌّ في كلِّ هول يكون يوم القيامة، فكأَنَّ يوم القيامة بجملته هو الفَزَعُ الأكبر.

وقوله سبحانه: { وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } يريد: بالسلام عليهم والتبشير لهم، أي: هذا يومكم الذي وُعِدْتُمَْ فيه الثوابَ والنعِيمَ، و { ٱلسِّجِلِّ } في قول فرقة: هو الصحيفة التي يُكْتَبُ فيها، والمعنى: كما يطوى السِّجِلُّ من أجل الكتاب الذي فيه، فالمصدر مضاف إلى المفعول؛ وهكذا قال البخاري: السجل: الصحيفة، انتهى، وما خَرَّجه أبو داودَ في «مراسيله» من أَنَّ السجل: اسم رجل من كُتَّابِ النبي صلى الله عليه وسلم قال السهيليُّ فيه: هذا غير معروف. انتهى.

وقوله سبحانه: { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } يحتمل معنيين: أحدهما: أن يكون خبراً عن البعث، أي كما اخترعنا الخلق أوَّلاً على غير مثال كذلك ننشئهم تارة أخرى، فنبعثهم من القبور.

والثاني أنْ يكونَ خبراً عن أَنَّ كل شخص يُبْعَثُ يوم القيامة على هيئته التي خرج بها إلى الدنيا، ويؤيد هذا قولُه صلى الله عليه وسلم: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً؛ { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ }" .

وقوله: { كَمَا بَدَأْنَآ } الكاف مُتَعَلِّقَةٌ بقوله: { نُّعِيدُهُ }، وقالت فرقة: { ٱلزَّبُورِ } هنا يعم جميعَ الكتب المُنَزَّلَة؛ لأَنه مأخوذ من: زبرت الكتابَ إذا كتبته، و { ٱلذِّكْرِ } أراد به اللَّوحَ المحفوظ، وقالت فرقة: { ٱلزَّبُورِ } هو زبورُ داودَ عليه السلام، و { ٱلذِّكْرِ }: التوراة.

وقالت فرقة: { ٱلزَّبُورِ }: ما بعد التوراةِ من الكتب، و { ٱلذِّكْرِ }: التوراة.

وقالت فرقة: { ٱلأَرْضَ } هنا: أرضُ الدنيا، أي: كل ما يناله المؤمنون من الأرض، وقالت فرقة: أراد أرض الجنة، واستشهدوا بقوله تعالى: { { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ } [الزمر:74].