خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٣٩
بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
٤٠
وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٤١
قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ
٤٢
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ
٤٣
بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ
٤٤
قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ
٤٥
وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٤٦
وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ
٤٧
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ
٤٨
ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
٤٩
وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٥٠
-الأنبياء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ... } الآية: حُذِفَ جوابُ «لو»؛ إيجازاً لدلالة الكلامِ عليه، وتقديرُ المحذوف: لما استعجلوا، ونحوه، وذَكَرَ الوجوهَ؛ لشرفها من الإنسانِ، ثم ذَكَرَ الظهورَ؛ ليُبَيِّنَ عُمُومَ النَّارِ لجميع أَبْدَانِهِمْ، والضميرُ في قوله: { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً }: للسَّاعَةِ التي تُصَيِّرُهُم إلى العذاب، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ للنار، و { يُنظَرُونَ } معناهُ: يُؤخَّرُنَ، و { حَاقَ } معناه: حَلَّ ونزل، و { يَكْلَؤْكُم }، أي: يَحْفَظُكُمْ.

وقوله سبحانه: { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } يحْتَمِلُ تَأْوِيلَيْنِ:

أحدهما: يجارون ويمنعون.

والآخر: ولا هم مِنَّا يُصْحَبُون بخيرٍ وتَزْكِيَةٍ ونحو هذا.

وقوله سبحانه: { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا.. } الآية { نَأْتِي ٱلأَرْضَ } معناه: بالقُدْرَة، ونقصُّ الأَرْض: إمَّا أنْ يُرِيدَ بتخريبِ ٱلْمَعْمُورِ، وإمَّا بموتِ البَشَرِ.

وقال قوم: النَّقْصُ من الأَطْرَاف: موتُ العلماءِ، ثم خاطب سبحانه نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم مُتَوَعِّداً لِهَؤلاءِ الكَفَرَةِ بقوله: { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ... } الآية، والنَّفْحَةُ: الخَطْرَةُ والمَسَّةُ، والمعنى: ولئن مَسَّتْهُمْ صَدْمَةَ عذابٍ لَيَنْدَمُنَّ، ولَيُقِرُّنَّ بظلمهم، وباقي الآية بَيِّنٌ.

وقال الثعلبي: { نَفْحَة }، أي: طَرَفٌ؛ قاله ابن عباسٌ، انتهى.

وقوله سبحانه: { لِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال أبو حيان: اللام للظرفية بمعنى «في» انتهى.

قال القرطبي في «تذكرته»: قال العلماء: إذا انقضى الحسابُ كان بعدَه وَزْنُ الأَعمالِ؛ لأَنَّ الوَزْنَ للجزاءِ، فينبغي أَنْ يكونَ بعد المُحَاسبَةِ، واخْتُلِفَ في الميزانِ والحَوْضِ: أَيُّهُمَا قَبْلَ الآخرِ، قال أبو الحسن القابسيُّ: والصحيحُ أَنَّ الحوضَ قبل الميزانِ، وذهب صاحِبُ «القوت» وغيرُه إلى: أنَّ حَوْضَ النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو بَعْدَ الصِّرَاط.

قال القرطبي: والصحيح: «أنَّ للنبي صلى الله عليه وسلم حَوْضَيْنِ، وكلاهما يُسَمَّى كَوْثَراً، وأَنَّ الحَوْضَ الذي ذَادُ عنه مَنْ بَدَّلَ وغَيَّرَ يكونُ في المَوْقِفِ قبل الصراط، وكذا حِيَاضُ الأنبياءِ - عليهم الصلاة والسلام - تكونُ في الموقف؛ على ما وَرَدَ في ذلك من الأخبار» انتهى.

والفُرْقَانُ الذي أُوتي موسى وهارونُ قيل: التوراةُ، وهي الضِّيَاءُ والذِّكْرُ.

وقالت فرقة: الفُرقَان: هو ما رَزَقَهُمَا اللَّهُ تعالى من نَصْرٍ وظُهُورٍ على فرعونَ وغيرِ ذلك، والضِّيَاءُ: التوراةُ، والذِّكْرُ: بمعنى التذكرة.

وقولُه سبحانه: { وهذا ذكرٌ مبارك } يعني: القرآن، ثم وَقَفَهُم سبحانه؛ تقريراً وتوبيخاً: هل يَصِحُّ لهم إنكارُ بَرَكَتِهِ وما فيه من الدعاءِ إلى اللَّه تعالى وإلى صالح العمل؟.