خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٢٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٢٧
فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٢٨
-النور

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { ٱلْخَبِيثَـٰتُ لِلْخَبِيثِينَ... } الآية: قال ابن عباس وغيره: الموصوف بالخُبْثِ والطيب: الأقوال والأفعال، وقال ابن زيد: الموصوفُ بالخُبْث والطيب، النساءُ والرجال، ومعنى هذا التفريقَ بَيْنَ حكم ابن أُبَيٍّ وأشباهِهِ وبين حكم النبي صلى الله عليه وسلم وفضلاءِ أصحابه وأَمَّتِهِ.

وقوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ } إشارة إلى الطيبين المذكورين، وقيل: الإشارة بـ { أُولـٰئك } إلى عائشة - رضي اللّه عنها - ومَنْ في معناها.

وقوله تعالى: { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } سبب هذه الآية فيما روى الطبريُّ: أَنَّ امرأة من الأنصار قالت: يا رسولَ اللّه، إنِّي أَكونُ في منزلي على الحال الَّتي لاَ أُحِبُّ أَنْ يراني أحدٌ عليها، لاَ وَالَدٌ ولا وَلَد، وإنَّهُ لا يزالُ يدخلُ عليَّ رجلٌ مِنْ أهلي، وأنا على تلك الحال؛ فنزلت هذه الآية، ثم هي عامَّةٌ في الأُمَّةِ غَابِرَ الدهر، وبيت الإنسان: هو الذي لا أحد معه فيه، أوِ البيتَ الذي فيه زوجته أو أَمَتُهُ، وما عدا هذا فهو غير بيته، و { تَسْتَأْنِسُواْ } معناه: تستعملوا مَنْ في البيت، وتستبصروا, تقول: آنستُ: إذا علمَتُ عن حِسٍّ وإذا أبصرتُ؛ ومنه قوله تعالى: { { آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً } [النساء:6].

و «استأنس» وزنه: استفعل، فكأنَّ المعنى في { تَسْتَأْنِسُواْ }: تطلبوا أنْ تعلموا ما يؤنسكم ويؤنس أهل البيت منكم، وإذا طلب الإنسان أن يعلم أمر البيت الذي يريد دخوله، فذلك يكون بالاستئذان على من فيه، أو بأنْ يتنحنح ويُشْعِرُ بنفسه بأي وجه أمكنه، ويَتَأَتَّى قَدْرَ ما يتحفظ منه، ويدخل إثر ذلك.

وذهب الطبريُّ في: { تَسْتَأْنِسُواْ } إلى أَنَّه بمعنى حتى تؤنسوا أهل البيت بأنفسكم بالتنحنح والاستئذان ونحوه، وتؤنسوا نفوسكم بأن تعلموا أنْ قد شُعِرَ بكم.

قال * ع *: وتصريف الفعل يأْبَى أَنْ يكون من أنس، وقرأ أُبَيُّ وابن عباس: «حتى: تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا» وصورة الاستئذان أَنْ يقول الإنسان: السلام عليكم، أأدخل؟ فإن أُذِنَ له دَخَل، وإنْ أُمِرَ بالرجوع انصرف، وإنْ سُكِتَ عنه استأذن ثلاثاً ثم ينصرف، جاءت في هذا كله آثار، والضمير في قوله: { تَجِدُواْ فِيهَا }: للبيوت التي هي بيوتُ الغير، وأسند الطبريُّ عن قتادة أنه قال: قال رجل من المهاجرين: لقد طلبتُ عمري كُلَّه هذه الآيةَ فما أدركتها أن أستأذنَ على بعض إخواني فيقول: لي ارجع، فأرجع وأنما مُغْتَبِطٌ؛ لقوله تعالى: { هُوَ أَزْكَى لَكُم }.

وقوله تعالى: { وٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } تَوَعُّدٌ لأهل التجسُّسِ.