وقوله تعالى: { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ } أي: قل لهم يا محمد: هل أخبركم { عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ }؟ والأَفَّاكُ: الكَذَّابُ، والأثيم: الكثير الإِثم، ويريد الكهنة؛ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَلَقَّوْنَ مِنَ الشَّيَاطِينِ الكَلِمَةَ الوَاحِدَةَ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ، حَسْبَمَا جاء في الحديثِ، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع، والضمير في { يُلْقُونَ } يحتمل أنْ يكون للشياطين، ويحتمل أنْ يكون للكهنة، ولما ذكر الكهنة بإفكهم وحالهم التي تقتضي نفي كلامهم عن كلام الله تعالى عقب ذلك بذكر الشعراء وحالهم لينبه على بعد كلامهم من كلام القرآن إذ قال بعض الكفرة في القرآن أنه شعر والمراد شعراء الجاهلية ويدخل في الآية كل شاعر مخلط يهجو ويمدح شهوة ويقذف المحصنات ويقول الزور.
وقوله: { ٱلْغَاوُونَ }. قال ابن عباس: هم المستحسنون لأشعارهم المصاحبون لهم.
وقال عِكْرَمةُ: هم الرَّعَاعُ الذين يتبعون الشاعر ويغتنمون إنشاده.
وقوله: في كل واد يهيمون، عبارة عن تخليطهم وخوضهم في كل فن من غث الكلام وباطله، قاله ابن عباس وغيره، ورى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال
"مَنْ مَشَى سَبْعَ خُطْوَاتٍ في شِعْرٍ, كُتِبَ مِنَ الغاوِينَ" ذكره أسدُ بنَ مُوسَى وذكره النقاش.