وقوله سبحانه: {وَأَلْقِ عَصَاكَ...} الآية، أمره ـــ تعالى ـــ بهذَينِ الأمرين إلقاءِ العصا، وأمرِ اليَدِ تَدريباً له في استعمالِهمَا، والجان: الحياتُ؛ لأنها تَجِنُّ أنفُسُهَا؛ أي: تَسْتُرُهَا. وقالت فرقةٌ: الجانُّ: صِغَارُ الحَيَّاتِ.
وقوله تعالى: {وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ}، أي: ولَّى فَارّاً. قال مُجاهدٌ: ولم يرجعْ، وقال قَتَادَةُ: ولم يَلْتَفِتْ.
قال * ع *: وعَقَّبَ الرجلُ إذا ولَّى عَنْ أمر؛ ثم صرف بدَنه أو وَجْهِه إليه. ثم ناداه سُبحانه مُؤْنِساً له: {يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ}.
وقولُهُ تعالى: {إِلاَّ مَن ظَلَمَ} قال الفرَّاءُ؛ وَجَمَاعَةٌ: الاستثْنَاءُ منقطعٌ، وهو إخبارٌ عن غَيرِ الأنبياء، كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ ـــ قال: لكنْ من ظَلَمَ من النَّاسِ ثُمَّ تَابَ؛ فَإنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ، وهذهِ الآيةُ تَقْتَضِي المغفرَةَ للتَّائِبِ، والجَيْبُ الفَتْخْ في الأوبِ لرأْسِ الإنسان.
وقولُهُ تعالى: {فِي تِسْعِ ءَايـَٰتٍ} مُتَّصِلٌ بقوله: {أَلقِ}، {وأَدخِلْ يَدَكَ} وفيه اقتضَابٌ وحذفٌ، والمعنى في جُملةِ تسعِ، آياتٍ، وقد تَقَدَّمَ بَيَانُها، والضميرُ في {جَاءَتْهُم} لفِرْعَوْنَ وقومِه، وظاهِرُ قَولِهِ تعالى: {وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا} حُصُولُ الكفْرِ عِنَاداً؛ وهي مَسْأَلَةُ خلافٍ؛ قد تَقَدَّمَ بيانُها و {ظُلْماً} معناهُ: على غيرِ استحقَاقٍ للجُحْدِ، والعُلُوُّ في الأرضِ أعظمُ آفةٍ على طَالبهِ، قال اللّه تعالى:
{ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً } [القصص:83].