خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ
٤٣
قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٤
-النمل

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ } أي: عن الإيمان، وهذا الكلامُ يحتملُ أنْ يكونَ مِنْ قولِ سليمانَ، أو مِنْ قولِ اللّه، إخباراً لمحمدٍ عليه السلام: قال محمد ابن كعب القرظي وغيره: ولمَّا وَصَلَتْ بلقيسُ أمر سليمانُ الجنَّ فصَنَعَتْ له صَرْحاً؛ وهو السطحُ في الصَّحْنِ مِنْ غير سَقْفٍ وجَعَلَتْهُ مَبْنِيا كالصِّهْرِيجِ وملىء ماءً وبُثَّ فيهِ السَّمَكُ وطبَّقَه بالزُّجَاجِ الأَبيضِ الشَّفَّافِ، وبهذا جاءَ صَرْحاً. والصَّرْحُ أيضاً كل بناء عالٍ، وكل هذا من التصريح؛ وهو الإعلان البالغ. ثم وضع سليمانُ في وسطِ الصَّرْحِ كرسيّاً، فلما وصلته بلقيس؛ قيل لها: ادخلي إلى النبي ـــ عليه السلام ـــ، فلما رأتِ الصَّرْحَ حَسِبتَهُ لُجَّةً وهُو مُعْظَمُ المَاءِ، فَفَزِعَتْ وَظَنَّتِ أنها قُصِدَ بها الغَرَقُ، وَتَعَجَّبَتْ مِن كَوْنِ كرسِيِّه على الماءِ، ورأت مَا هَالَهَا، ولَمْ يكنْ لَها بُدَّ مِن امْتِثَالِ الأمرِ، فكَشَفَتْ عن ساقَيها، فرأى سليمانَ ساقَيْها سليمةً مِمَّا قالتِ الجنُّ غَيْرَ أَنَّها كثيرةُ الشَّعْرِ، فلما بلغتْ هذا الحد قالَ لها سليمانُ عليه السلام: { إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ } والممرد: المحكوكُ الْمُمَلَّسُ؛ ومنه الأمرد، فعند ذلك قالت: { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } فرُوِيَ أن سليمانَ عليه السلام تَزَوَّجَهَا عند ذلك، وأسكنها الشام؛ قاله الضحاك. وقيل: تزوجَها وردَّها إلى ملكها باليمنِ وكان يأتيها على الريح كلَّ شَهْرٍ مَرَّةً، فوَلَدَتْ له غلاماً سمَّاه داودَ؛ مات في حياته. ورُوِيَ أن سليمانَ لما أراد زوالَ شَعْرِ ساقَيْهَا؛ أمر الجنَّ بالتَّلَطُّفِ في زوالِه، فصنَعوا النُّورَةَ ولم تَكُنْ قَبْلٌ وصنعوا الحمَّام