خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ
٨٠
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ
٨١
وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ
٨٢
-القصص

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ... } الآية: أخبر تعَالَى عَنْ الذين أوتوا العلم والمعرفةَ باللّهِ وبِحَقِّ طاعتِه أَنَّهُمْ زَجَرُوا الأَغْمَارَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا حَالَ قَارُوْنَ وَحَمَلُوهُمْ عَلَى الطَّرِيقَةِ المُثْلَى؛ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ والتَّمَنِّي إنَّما يَنْبَغِى أنْ يَكونَ في أمورِ الآخرةِ، وأنَّ حالةَ المؤمنِ العاملِ الذي ينتظرُ ثوابَ اللّهِ تعالى خيرٌ مِن حالِ كلِّ ذِي دُنيا. ثم أخبر تعالى عن هذه النَّزْعَةِ وهذه القوَّةِ في الخبر والدينِ أَنَّها { لاَ يُلَقَّاهَا } أي: لا يُمَكَّنُ فيها ويُخَوَّلُها إلا الصَّابِرُ عَلى طَاعَةِ اللّه وعن شهواتِ نفسه؛ وهذا هو جماع الخير كله.

وقال الطبري: الضمير عائد على الكلمة؛ وهي قوله: { ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً }، أي: لا يُلَقَّنُ هذه الكلمة إلا الصابرون؛ وعنهم تصدر، ورُوِيَ في الخسف بقارونَ ودارِه أن موسى عليه السلام لما أمَضَّه فعلُ قارونَ به وتعدّيه عليه؛ استجارَ باللّه تعالى وطلب النصرة؛ فأوحى اللّه إليه، أَني قد أمرتُ الأرض أَنْ تطيعكَ في قارونَ وأتباعه، فقال موسى: يا أرض؛ خذيهم فأخذتهم إلى الركب، فاستغاثوا: يا موسى؛ يا موسى؛ فقال: خذيهم، فأخذتهم شيئاً فشيئاً إلى أن تم الخسفُ بهم، فأوحى اللّه إليه: يا موسى؛ لَوْ بِيَ استغاثوا وإليَّ تابوا لرحمتِهُم. قال قتادةُ وغيره: رُوِيَ أَنه يخسفُ به كل يوم قامةً؛ فهو يتجلجل إلى يوم القيامة.

* ت *: وفي الترمذي؛ عن معاذ بن أنس الجُهَنِيِّ، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ تَرَكَ اللَّبَاسَ تَوَاضُعاً لِلَّهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، دَعَاهُ اللّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَىٰ رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ؛ حَتَّىٰ يُخَيِّرَهُ؛ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا" . وروى الترمذيُّ عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان لنا قِرَامُ سِتْرٍ فيه تماثيلُ على بابي فرآه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: "انْزَعِيهِ فَإنَّهُ يُذَكِّرُنِي الدُّنْيَا" ، الحديثَ وروى الترمذي عن كعب ابن عياض قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي: المَالُ" ؛ قال أبو عيسَىٰ: هذا حديث حسن صحيح؛ وفيه عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَىٰ هَـٰذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٍ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَحِلْفُ الْخَبَزِ والمَاءِ" .

قال النضر بن شميلٍ: «جِلْفُ الخبز» يعني: ليس معه إدام. انتهى. فهذه الأحاديث وأشباهها تزهِّد في زينةِ الدنيا وغضارة عيشها الفاني.

وقوله: { ويكأن } مذهبُ الخليلِ وسيبويه: أن «وي» حرف تنبيه منفصلة من (كأن)، لكنْ أُضيفت لكثرة الاستعمال.

وقال أبو حاتم وجماعة: ويْكَ: هي (وَيْلَكَ) حذفتِ اللامُ منها لكثرةِ الاستعمال.

وقالت فرقة: و«يكأن» بجملتها كلمة.