خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
١٤٧
فَآتَاهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٤٨
-آل عمران

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا... } الآية: هذه الآيةُ في ذكْر الرِّبِّيِّين، أي: هذا كان قولَهُم، لا ما قاله بعضُكم، يا أصْحَاب محمَّد: { { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَـٰهُنَا } [آل عمران:154]، إلَىٰ غير ذلك ممَّا ٱقتضته تلْكَ الحَالُ مِن الأقوال، قُلْتُ: وهذه المقالَةُ ترجِّح القولَ الثانِيَ في تفْسير الرِّبِّيِّينَ؛ إذ هذه المقالةُ إنما تَصْدُرُ من علماء عارفينَ باللَّه.

قال * ع *: وٱستغفارُ هؤلاءِ القَوْمِ الممْدُوحِينَ فِي هذا المَوْطِنِ يَنْحُو إلَىٰ أنهم رَأَوْا أَنَّ ما نزل مِنْ مصائبِ الدُّنْيا إنما هو بِذُنُوبٍ من البَشَرِ؛ كما نزلَتْ قصَّة أُحُدٍ بعصيان من عَصَىٰ، وقولهم: { ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا }: عبارتان عن معنًى قريبٍ بعضُهُ من بعضٍ؛ جاء للتأكيد، ولتعمَّ مناحي الذنوبِ؛ وكذلكَ فسَّره ابنُ عبَّاس وغيره، وقال الضَّحَّاك: الذنوبُ عامُّ، والإسرافُ في الأمر، أريدَ به الكبائرُ خاصَّة، { فَـآتَـٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا }؛ بأن أظهرهم علَىٰ عدُوِّهم، { وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ }: الجَنَّة بلا خلاف.

قال الفَخْر: ولا شَكَّ أنَّ ثوابَ الآخِرَةِ هي الجَنَّة، وذلك غَيْرُ حاصلٍ في الحالِ، فيكون المرادُ أنَّه سبحانه، لَمَّا حكم لهم بحصولها في الآخرة، قام حُكْمُهُ لهُمْ بذلك مَقَامَ الحُصُول في الحالِ، ومَحْمَلُ قوله: { ءاتَـٰهُمُ } أنه سيؤتيهم.

وقيل: ولا يمتنع أنْ تكون هذه الآية خاصَّةً بالشهداء، وأنه تعالَىٰ في حال نزول هذه الآية، كان قد آتاهم حُسْنَ ثواب الآخرة. انتهى.