خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً
٦٠
مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً
٦١
سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً
٦٢
يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً
٦٣
إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً
٦٤
خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٦٥
يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ
٦٦
وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ
٦٧
رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً
٦٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً
٦٩
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً
٧٠
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
٧١
-الأحزاب

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ... } الآية. اللام في قوله: { لَّئِن } هي المؤذنة بمجيء القسم، واللام في { لَنُغْرِيَنَّكَ }: هي لامُ القسمِ.

قلت: ورَوَى الترمذيُّ عن ابن عُمَرَ قال: صَعِدَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم المِنْبَرَ، فَنَادَىٰ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بلِسَانِهِ، وَلَمْ يَفُضْ الإيْمَانُ إلَىٰ قَلْبِهِ، لاَ تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ؛ يَتَبِعَ اللّهُ عَوْرَتَه؛ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْه، وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ..." الحديث. انتهى. ورواه أبو دَاودَ في «سننه» من طريق أبي برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم وتوعَّد اللّه سبحانه هذه الأصنافَ في هذه الآية.

وقوله سبحانه { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } المرض، هنا: هو الغَزَل وحب الزنا؛ قاله عكرمة. { وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ }: هم قوم كانوا يتحدثون بغزو العربِ المدينةَ؛ ونحوِ هذا مما يُرْجِفُونَ بهِ نُفُوسَ المؤمنينَ، فيحتمل أنْ تكونَ هذه الفِرَقُ دَاخِلَةً في جملة المنافقين، ويحتمل أن تكونَ متباينةً و { نغرينك } معناه: نحضك عليهم بعد تعيينهم لك. في البخاري: وقال ابن عباس: { لَنُغْرِيَنَّكَ }: لنسلطنك. انتهى.

وقوله تعالى: { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ } أي: بعد الإغراء لأنك تَنْفِيهم بالإخافَة والقَتْلِ.

وقوله: { إِلاَّ قَلِيلاً } يحتمل: أن يريد إلا جِوَاراً قليلاً، أو وقتاً قليلاً، أو عدداً قليلاً، كأنه قال: إلا أقلاءَ، و{ ثُقِفُواْ }: معناه: حُصِرُوا وقُدِرَ عليهم و { أُخِذُوا }: معناه: أُسِرُوا والأخِيذُ الأسِيرُ: { وَٱلَّذِينَ خَلَوْاْ } هم منافقوا الأمم، وباقي الآية مُتَّضِحُ المعنَى. و { ٱلسَّبِيلاَ }: ـــ مفعولٌ ثَانٍ ـــ؛ لأَنَّ { أَضلَّ } متعدٍ بالهَمْزَةِ، وهي سبيلُ الإيمانِ والهُدَى، { وَٱلَّذِينَ ءَاذُوْاْ مُوسَىٰ }: هم قومُ مِن بَنِي إسرائيل. قال ابن عباس وأبو هريرة وجماعة: الإشارةُ إلى ما تضمَّنه حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم "من أَنَّ بَنِي إسرائيل كَانُوا يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، وَكَانَ مُوسَىٰ عليه السلام رَجُلاً سِتِّيراً حَيِّياً، لاَ يَكَادُ يُرَىٰ مِنْ جَسَدِهِ شَيْءٌ؛ فَقَالُوا: وَاللّهِ، مَا يَمْنَعُ مُوسَىٰ أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلاَّ أَنَّهُ آدَرُ أَوْ بِهِ بَرَصٌ، فَذَهَبَ يَغْتَسِلُ؛ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَىٰ حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَلَجَّ مُوسَىٰ فِي إثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، فَمَرَّ بِهِمْ فَنَظَرُوا إلَيْهِ؛ فَقَالُوا: وَاللّهِ، مَا بِمُوسَىٰ مِنْ بَأْسٍ" . الحديثُ خرَّجه البُخَاريُّ وغيره، وقيل في إذَايتهم غيرُ هذا. { فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } والوجيهُ: المكرَّمُ الوجهِ، والقولُ السَّدِيدُ: يَعُمُّ جَميعَ الخيراتِ وقال عكرمة: أراد «لا إلـٰه إلا اللّه» وباقي الآية بيِّن.