خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧٠
يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
١٧١
لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً
١٧٢
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧٣
-النساء

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالى: { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقّ مِن رَّبّكُمْ... } الآية: خطابٌ لجميعَ النَّاسِ، وهي دعاءٌ إلى الشرْعِ، ولو كانَتْ في أمر من أوامر الأحكام، ونَحْوِ هذا، لكانتُ: «يا أيها الذين آمنوا»، والرسُولُ في الآية: نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال سبحانه: { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ }، وهذا خبرٌ بالاستغناءِ، وأنَّ ضَرَر الكُفْر إنما هو نازلٌ بهم، ثم خاطَبَ سبحانه أهْلَ الكتابِ مِنَ النصارَىٰ، وهو أنْ يَدَعُوا الغُلُوَّ، وهو تجاوُزُ الحَدِّ.

وقوله: { فِي دِينِكُمْ }: معناه: في دِينِ اللَّهِ الَّذي أنْتُمْ مطلوبُونَ به؛ بأنْ تُوحِّدوا اللَّه، ولا تَقُولوا علَىٰ اللَّه إلا الحقَّ، ولَيْسَتِ الإشارةُ إلى دينهم المُضَلِّل، وعن عُبَادَةَ بْنِ الصامِتِ (رضي اللَّه عنه)، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَىٰ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَىٰ مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ ـــ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَىٰ مَا كَانَ مِنَ عَمَلٍ" رواه مسلم، والبخاريُّ والنسائيُّ، وفي مسلمٍ: "أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ" . انتهى.

وقوله تعالى: { فآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ }؛ أي: الذين مِنْ جملتهم: عيسَىٰ، ومحمَّد ـــ عليهما السلام ـــ.

وقوله تعالى: { إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ }: «إنَّمَا»؛ في هذه الآية: حاصرةٌ، و { سُبْحَـٰنَهُ }: معناه: تنزيهاً له، وتعظيماً، والاستنكافُ إبَاءَةٌ بأَنَفَة.

قال * ع *: وقوله سبحانه: { وَلاَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ }: زيادةٌ في الحُجَّة، وتقريبٌ مِنَ الأذهان، أي: وهؤلاءِ الذين هُمْ في أعْلَىٰ درجاتِ المَخْلُوقين لاَ يَسْتَنْكِفُونَ عن ذلك، فكيفَ بسواهُمْ، وفي هذه الآيةِ دليلٌ علَىٰ تفضيل الملائِكَةِ على الأنبياءِ.

وقوله سبحانه: { فَسَيَحْشُرُهُمْ }: عبارةُ وعيدٍ.

قال * ع *: وهذا الاِستنكافُ إنما يكونُ من الكُفَّار عن ٱتباع الأنبياءِ، وما جَرَىٰ مَجْراه.