وقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ... } الآيَةُ في الكُفَّارِ المُجَادِلِينَ في رِسَالَةِ نبيِّنا محمَّد ـــ عليه السلام ـــ و{ يُسْحَبُونَ } معناه يُجَرُّونَ، والسَّحْبُ: الجَرُّ والحَمِيمُ الذائبُ الشديدُ الحَرِّ من النَّارِ، و{ يُسْجَرُونَ }: قال مجاهد: معناه تُوَقَدُ النَّارُ بهِم، والعَرَبُ تَقُول؛ سَجَرْتُ التَّنُّورَ: إذا مَلأْتَهُ نَاراً، وَقَالَ السُّدِّيُّ: يُسْجَرُونَ: يَحْرَقُونَ، ثم أخْبَرَ تعالى؛ أنهم يُقَالُ لهم: أين الأصْنَامُ التي كُنْتُم تَعْبُدونَ في الدنيا؟ فيقولون: ضَلُّوا، أي: تلفوا لنا وغَابوا، ثُمَّ تضْطَرِبُ أَقْوَالُهُمْ ويَفْزَعُونَ إلى الكَذِبِ، فيقولونَ: { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } ثم يقال لهؤلاءِ الكفَّارِ المعذبين: { ذٰلِكُمْ }: العذابُ الذي أنتم فيه { بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ } في الدنيا بالمعاصي والكفرِ، و{ تَمْرَحُونَ } قال مجاهد: معناه: الأشَرُ والبَطَر.
وقوله تعالى: { ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ } معناه: يقالُ لَهُمُ قبل هذهِ المحاورةِ في أول الأمْرِ: ادْخُلُوا؛ لأنَّ هذه المخاطبةَ إنما هي بعدَ دُخولهمِ، ثم آنَسَ تعالى نبيَّه، وَوَعَدَهُ بقَولهِ: { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي: في نصرك وإظهار أمرِك؛ فإنَّ ذلك أَمْرٌ إما أنْ تَرَىٰ بَعْضَهُ في حياتِكَ، فَتَقَرَّ عَيْنُكَ به، وإما أنْ تَمُوتَ قَبْلَ ذلك، فإلَىٰ أمرنا وتَعْذِيبِنَا يَصِيرُونَ ويَرْجِعُونَ.
قال أبو حيَّان: و«ما» في «إمَّا» زائدةٌ لتأكِيدِ معنى الشَّرْطِ، انتهى.