وقوله سبحانه: { لَقَدْ جِئْنَـٰكُم } يحتملُ أنْ يكونَ مِنْ تَمَامِ قول مالِكٍ لهم، ويحتمل أنْ يكون من قول اللَّه تعالى لقريشٍ، فيكونُ فيه تخويفٌ فصيحٌ بمعنى: انظروا كيف يكون حالكم؟!.
وقوله تعالى: { أَمْ أَبْرَمُواْ أَمْراً } أي: أحكموا أمراً في المكر بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } أي: مُحْكِمُون أمراً في نَصْرِهِ ومجازاتهم، والمراد بـ«الرسل» هنا: الحَفَظَةُ من الملائكة يكتبون أعمال العباد، وتَعُدُّ للجزاء يوم القيامة.
«واخْتُلِفَ في قوله تعالى: { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } فقال مجاهد: المعنى إنْ كان للَّه ولد في قولكم، فأنا أَوَّل مَنْ عَبَدَ اللَّه وَوَحَّدَهُ وكَذَّبكم، وقال ابن زيد وغيره: «إن»: نافية بمعنى «ما»؛ فكأَنَّه قال: قل ما كان للرحمن ولد، وهنا هو الوقف على هذا التأويل، ثم يبتدىء قوله: { فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } قَال أبو حاتم قالت فرقةٌ: العابِدُونَ في الآية: مِنْ عَبِدَ الرجلُ: إذا أَنِفَ وأنكر، والمعنى: إنْ كان للرحمن ولد في قولكم، فأنا أَوَّلُ الآنفين المُنْكِرِينَ لذلك، وقرأ أبو عبد الرحمن: «فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِينَ» قال أبو حاتم: العَبِدُ ـــ بكسر الباء ـــ: الشَّدِيدُ الغضب، وقال أبو عُبَيْدَةَ: معناه: أول الجاحدين، والعَرَبُ تقولُ: عَبَدَني حَقِّي، أي: جَحَدَنِي، وباقي الآية تنزيه للَّه سبحانه، ووعيد للكافرين، و{ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ } هو يوم القيامة، هذا قول الجمهور، وقال عِكْرَمَةُ وغيره: هو يوم بَدْرٍ.