خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ
١٣
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ
١٤
مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ
١٥
-محمد

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ } يعني: مَكَّة { ٱلَّتِى أَخْرَجَتْكَ } معناه: وَقْتَ الهِجْرَةِ، ويقال: إنَّ هذه الآيةَ نزلَتْ إثْرَ خُرُوجِ النَّبِيِّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ من مَكَّةَ، وقيل غَيْرُ هذا.

وقوله سبحانه: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ... } الآية، توقيفٌ وتقريرٌ، وهي معادلةٌ بين هذَيْن الفريقَيْن، اللفظ عامٌّ لأهل هاتين الصفتين غابرَ الدَّهْرِ، و{ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } أي: على يقين وطريق واضحةٍ وعقيدة نَيِّرَةٍ بَيِّنَةٍ.

وقوله سبحانه: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ... } الآية، قال النَّضْرُ بن شُمَيْلٍ وغيره { مَثَلُ } معناه: صفةٌ؛ كأَنَّهُ قال: صفة الجنة: ما تسمَعُونَ فيها كذا وكذا.

وقوله: { فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ } معناه: غيرُ مُتَغَيِّرٍ؛ قاله ابن عباس وقتادة، وسواءٌ أنتن أو لم يُنْتِنْ.

وقوله في اللبن: { لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ }: نَفْيٌ لجميعِ وجوهِ الفَسَادِ فيه.

وقوله: { لَذَّةٍ لِّلشَّـٰرِبِينَ } جمعتْ طِيبَ الطَّعْمِ وَزَوالَ الآفاتِ من الصُّدَاعِ وغيره، وتصفيةُ العَسَلِ مُذْهِبَةٌ لمومه وَضَرَره.

* ت *: ورُوِّينَا في كتاب التِّرْمِذِيِّ عن حَكِيمِ بن مُعَاوِيَةَ عنِ أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ في الجَنَّةِ بَحْرَ المَاءِ، وَبَحْرَ الْعَسَلِ، وَبَحْرَ اللَّبَنِ، وَبَحْرَ الخَمْرِ، ثُمَّ تَشَقَّقُ الأَنْهَارُ بَعْدُ" قال أبو عيسَىٰ: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ، انتهى.

وقوله: { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرٰتِ } أي: من هذه الأنواع لكنها بعيدة الشبه؛ تلك لا عَيْبَ فيها ولا تَعَبَ.

وقوله: { وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } معناه: وتنعيمٌ أعطته المغفرةُ وَسَّبَّبَتْهُ، وإلاَّ فالمغفرة إنَّما هي قبل دخول الجَنَّةِ.

وقوله سبحانه: { كَمَنْ هُوَ خَـٰلِدٌ فِى ٱلنَّارِ... } الآية، قبله محذوفٌ، تقديره: أَسُكَّانُ هذه، أو تقديره: أهؤلاءِ المتقون كَمَنْ هو خالد في النار.