وقوله سبحانه: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَـٰلَكُمْ } رَوِيَ أَنَّ هذه الآية نزلت في بني أَسَدٍ من العرب، وذلك أَنَّهم أسلموا، وقالوا للنبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: نحن آثرناك على كُلِّ شيء، وجئناك بأنفسنا وأهلينا، كأَنَّهم يمنُّون بذلك، فنزل فيهم: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ... } الآية، ونزلت فيهم هذه الآية وظاهر الآية العموم.
وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ... } الآية،
"رُوِيَ أَنَّها نزلت بسبب أَنَّ عديَّ بن حاتم قال: يا رسول اللَّه، إنَّ حَاتِماً كَانَتْ لَهُ أَفْعَالُ بِرٍّ فَمَا حَالُهُ؟ فقال النَّبِيُّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: هُوَ في النَّارِ فَبَكَى عَدِيُّ، وَوَلَّى فَدَعَاهُ النَّبِيُّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فَقَالَ لَهُ: أَبي وَأَبُوكَ وَأَبُو إبْراهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمٰنِ في النَّارِ" ونزلت هذه الآية في ذلك، وظاهر الآية العموم في كُلِّ ما تناوَلته الصفة. وقوله سبحانه: { فَلاَ تَهِنُواْ } معناه: لا تَضْعُفُوا { وَتَدْعُواْ إِلَى ٱلسَّلْمِ } أي: إلى المسالمة، وقال قتادة: معنى الآية: لا تكونوا أُولَى الطائفتين ضَرَعَتْ للأخرَى: قال * ع * وهذا حَسَنٌ مُلْتئِمٌ مع قوله تعالى:
{ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا } } [الأنفال:61].{ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ }: في موضع الحال، المعنى: فلا تَهِنُوا وأنتم في هذه الحال، ويحتمل أنْ يكون إخباراً بمغيب أبرزه الوجودُ بعد ذلك، والأعلون: معناه الغالبون والظاهرون من العُلُوِّ.
وقوله: { وَٱللَّهُ مَعَكُمْ } معناه: بنصره ومَعُونَتِهِ وَيتِرُ معناهُ: يُنْقِصُ ويُذْهِبُ، والمعنى: لن يَترِكم ثوابَ أعمالكم.