خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ
٨
وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَٰهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ
٩
-الأنعام

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله تعالَىٰ: { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَـٰباً فِي قِرْطَاسٍ } الآية.

لمْا أَخْبَرَ عنهم ـــ سبحانه ـــ بأنهم كذبوا بكل ما جَاءَهُمْ من آية أَتْبَعَ ذلك بإخْبَارٍ فيه مُبَالغة، والمعنى: ولو نزلنا بِمَرْأًى منهم عليك كتاباً أي: كلاماً مَكْتُوباً في قِرْطَاسٍ، أي: في صحيفة.

{ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } يريد: أنهم بالغوا في مَيْزِهِ وتقليبه؛ ليرتفع كل ارْتِيَابٍ لعاندوا فيه، وتابعوا كُفْرَهُمْ وقالوا: هذا سحر مبين.

وقوله سبحانه: { وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } أي: يصدّق محمداً في نُبُوءَتِهِ، ثم رَدَّ اللَّه عليهم بقوله: { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ } قال ابن عَبَّاسٍ وغيره: في الكلام حَذْفٌ، تقديره: ولو أنزلنا مَلَكاً، فكذبوه لَقُضِيَ الأمر بعَذَابِهِمْ، ولم يُنْظَرُوا حسبما سَلَفَ في كل أمة اقْتَرَحَتْ بآية، وكذبت بعد أن أُظْهِرَتْ إليها.

وقالت فرقة: { لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } أي: لَمَاتُوا من هَوْلِ رؤية المَلَكِ في صورته، ويؤيد هذا التَّأْوِيلَ ما بعده من قوله: { وَلَوْ جَعَلْنَـٰهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَـٰهُ رَجُلاً } فإن أَهْلَ التأويل مُجْمِعُونَ أن ذلك؛ لأنهم لم يكونوا يُطِيقُونَ رؤية المَلَكِ في صورته، فإذ قد تَقَعَّدَ أنهم لا يطيقون رُؤْيَةَ المَلَكِ في صورته، فالأَوْلَىٰ في قوله: { لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } أي: لماتوا؛ لِهَوْلِ رؤيته، { ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ }، أي: لا يُؤَخَّرُونَ.

ومما يؤيد هذا المعنى الحَدِيثُ الوَارِدُ عن الرجلين اللذين صَعَدَا على الجَبَلِ يوم بَدْرٍ ليريا ما يَكُونُ في حَرْبِ النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين، فَسَمِعَا حِسَّ الملائكة، وقَائِلاً يقول في السحاب: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فانكشف قِنَاعُ قَلْبِ أحدهما، فمات لِهَوْلِ ذلك، فكيف برؤية مَلَكٍ في خِلْقَتِهِ.

{ وَلَلَبَسْنَا } أي: لفعلنا لهم في ذَلِكَ فِعلاً مُلْبَساً يطرق لهم إلى أن يَلْبَسوا به، وذلك لا يحسن.

قلت: وفي البخاري: { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ }: لشبهنا.