خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٧١
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ
١٧٢
أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ
١٧٣
وَكَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
١٧٤
-الأعراف

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله عز وجل: { وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ }، { نَتَقْنَا }: معناه: ٱقتلَعْنَا ورفَعْنا، وقد تقدَّم قصص الآية في «البقرة»، وقوله سبحانه: { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ }، أي: تدبَّروه وٱحْفَظُوا أوامره ونواهيه، فما وَفَّوْا.

وقوله سبحانه: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَا... } الآية، قوله: { مِن ظُهُورِهِمْ } قال النُّحاة: هو بدلُ ٱشتمالٍ من قوله: { مِن بَنِي آدَمَ }، وتواترتِ الأحاديثُ في تفسير هذه الآية عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طُرُقٍ: "أن اللَّه عزَّ وجلَّ ٱسْتَخْرِجَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عليه السلام نَسَمَ بنيه، ففي بعض الروايات كالذَّرِّ، وفي بعضها: كالخَرْدَلِ" .

وقال محمد بن كَعْب: إِنها الأرواحُ جُعلَتْ لها مِثَالاَتٌ، وروي عن عبد اللَّه بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: "أُخِذُوا مِنْ ظَهْرِ آدَمَ؛ كَمَا يُؤْخَذُ بالمُشْطِ مِنَ الرَّأْس، وَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَقُولاً كَنَمْلَةِ سُلَيْمَانَ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ العَهْدَ بِأَنَّهُ رَبُّهُمْ، وَأَنْ لاَ إِلٰهَ غَيْرُهُ، فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ، وَٱلْتَزَمُوهُ؛ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهْ سَيَبْعَثُ الرُّسْلَ إِلَيْهِمْ مُذَكِّرَةً وداعيةً، فشهد بعضُهم علىٰ بعض، وشهد اللَّه عليهم وملائكته" قال الضحَّاك بنُ مُزَاحِمٍ: من مات صَغيراً، فهو على العَهْدِ الأول، ومَنْ بَلَغَ، فقد أخذه العهدُ الثَّاني، يعني الذِي في هذه الحياة المعقولة الآنَ.

وقوله { شَهِدْنَا } يحتملُ أن يكون مِنْ قَوْلَ بَعْضِ النَّسمِ لبعضٍ، فلا يَحْسِنُ الوقْفُ على قوله: { بَلَىٰ }، ويحتمل أن يكون قوله: { شَهِدْنَا } من قول الملائكة، فيحسن الوقْفُ عَلَىٰ قوله: { بَلَىٰ }.

قال السديُّ: المعنى: قال اللَّه وملائكته: شَهِدْنَا ورواه عبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وقوله سبحانه: { أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَـٰفِلِينَ... } الآية: المعنَىٰ: لِئَلاَّ تقولُوا، أَوْ مخافَةَ أنْ تقولوا، والمعنَىٰ في هذه الآية: أنَّ الكَفَرَة لو لم يؤخذ عليهم عَهْدٌ، ولا جاءَهُمْ رسولٌ مذكِّر بما تضمَّنه العَهْد من توحيد اللَّه وعبادته، لكانَتْ لهم حُجَّتَان:

إحداهما: أنّ يقُولُوا كُنَّا عن هذا غافلين.

والأخرىٰ: كنا تباعاً لأسلافنا، فكَيْفَ نَهْلِكُ، والذنْبُ إنما هو لِمَنْ طَرَّق لنا وأضلَّنا، فوقَعَ شهادَةُ بعضهم على بعضُ، وشهادةُ الملائكة عَلَيْهمِ، لتنقطع لهم هذة الحجةُ.