خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٤٦
لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٤٧
لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
-التوبة

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

وقوله سبحانه: { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً }، أيْ: لو أرادوا الخروجَ بنيَّاتهم، لنظروا في ذلك وٱستعدُّوا له.

وقوله: { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ }.

* ص *: و{ وَلَـٰكِن }: أصلها أَن تقع بَيْنَ نقيضَيْن أَو ضِدَّيْنِ، أَوْ خَلافَيْن، على خلاف فيه. انتهى. و{ ٱنبِعَاثَهُمْ }: نفوذَهُمْ لهَذِهِ الغزوة، والتثبيطُ: التَّكْسِيلُ وكَسْر ٱلعَزْمِ.

وقوله سبحانه: { وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ }، يحتمل أنْ يكون حكايةً عن اللَّه، أي: قال اللَّه في سابق قضائِهِ: ٱقْعُدُوا مع القاعدين، ويحتملُ أنْ يكون حكايةً عنهم، أي: كانَتْ هَذِهِ مقالَةَ بَعْضِهِمْ لبعضٍ، ويحتملُ أنْ يكون عبارةً عن إِذْنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لهم في القعود، أيْ: لما كره اللَّه خروجهم، يَسَّر أَنْ قلْتَ لهم: ٱقعدوا مع القاعدين، والقعودُ؛ هنا: عبارةٌ عن التخلُّفِ، وكراهيةُ اللَّهِ ٱنبعاثَهُمْ: رِفْقٌ بالمؤمنين.

وقوله سبحانه: { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } الخبالُ: الفسادُ في الأشياء المؤتَلِفة؛ كٱلمَوَدَّات، وبَعْضِ الأجرامِ، { لأَوْضَعُواْ } معناه: لأسرعوا السَّيْر، و{ خِلَـٰلَكُمْ } معناه: فيما بينكم.

قال * ص *: { خِلَـٰلَكُمْ } جمع خَلَلٍ، وهو الفُرْجَة بين الشيئين، وٱنتصَبَ على الظَّرف بـــ { لأَوْضَعُواْ }، و{ يَبْغُونَكُمُ }: حالٌ، أي: باغين. انتهى. والإِيضاع: سُرْعَةُ السير، ووقَعْتُ { لأَوْضَعُواْ } بألف بَعْدَ «لا» في المصحف، وكذلك وقعتْ في قوله: { { أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ } [النمل:21] { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ }، أي: يطلبون لكم الفتْنَة، { وَفِيكُمْ سَمَّـٰعُونَ لَهُمْ }، قال مجاهد وغيره: معناه: جواسيسُ يسمعون الأخبار، ويَنْقُلُونها إِليهم، وقال الجمهور: معناه: وفيكم مُطِيعُونَ سامعون لهم.

وقوله سبحانه: { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ }، في هذه الآية تحقيرٌ لشأنهم، ومعنَى قوله: { مِن قَبْلُ }: ما كان من حالهم في أُحُدٍ وغيرها، ومعنى قوله: { وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ }: دبَّروها ظهراً لبطْنٍ، وسعوا بكُلِّ حيلةٍ { وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي }، نزلَتْ في الجَدِّ بْنِ قَيْسٍ، وأسند الطبريُّ أَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالَ: "اغْزُوا تَبُوكَ، تَغْنَمُوا بَنَاتِ الأصْفَرِ" فقال الجَدُّ: ٱئْذَنْ لَنَا وَلاَ تَفْتِنَّا بالنِّسَاءِ، وقال ابن عبَّاس: إِن الجَدَّ قال: ولكنِّي أُعِينُكَ بِمَالِي.

وقوله سبحانه: { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ }، أي: في الذي أظْهَرُوا الفِرَارَ منه.