مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ
١٣
ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
١٤
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
١٥
قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٦
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ
١٧
-يونس
أضف للمقارنة
اللباب في علوم الكتاب
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ} الآية.
لما حكى عنهم أنَّهم كانوا يقولون:
{ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً }
[الأنفال:32] الآية.
وأجاب بأن ذكر أنَّهُ: لا صلاح في إجابة دعائهم، ثم بيَّن أنَّهم كانوا كاذبين في هذا الطلب؛ لأنَّه لو نزلت بهم آفةٌ، تضرَّعُوا إلى الله تعالى في إزالتها، بيَّن ههنا ما يجري مجرى التهديد: وهو أنَّه تعالى قد أنزل بهم عذاب الاستئصال ولا يزيله عنهم؛ ليكون ذلك رَادعاً لهم عن قولهم:
{ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ }
[الأنفال:32]؛ لأنَّهم متى سمعُوا أنَّ الله قد يجيبُ دعاءهم، وينزل بهم عذاب الاستئصال، ثم سمعوا من اليهُود والنَّصارى، أنَّ ذلك قد وقع مراراً كثيرة، صار ذلك رَادِعاً عن ذكر هذا الكلام.
قوله: "مِن قَبْلِكُمْ" متعلقٌ بـ "أهْلَكْنَا"، ولا يجوز أن يكون حالاً من "القُرُون"؛ لأنَّه ظرف زمانٍ، فلا يقعُ حالاً عن الجثَّة، كما لا يقع خبراً عنها، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا أوَّل البقرة [البقرة:21]، وتقدم الكلامُ على "لمَّا" [البقرة:17]، قال الزمخشري: "لما" ظرف لـ "أهْلَكْنَا"، و "وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم" يجوز أن يكون معطوفاً على "ظَلَمُوا"، فلا محلَّ له عند سيبويه، ومحلُّه الجر عند غيره؛ لأنَّه عطف على ما هو في محلِّ جرِّ بإضافة الظرف إليه، ويجوز أن يكون في محلِّ نصب على الحال، أي: ظلمُوا بالتَّكذيب، وقد جاءتهُم رُسُلُهم بالحُجَجِ والشَّوَاهدِ على صدقهم. و "بالبَيِّنَاتِ" يجوز أن يتعلَّق بـ "جَاءتْهُم"، ويجوزُ أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ، على أنَّه حالٌ من "رُسلهُمْ"، أي: جاءُوا مُلتبسِين بالبيِّناتِ، مُصاحبين لها.
قوله: {وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ} يجوز عطفه على "ظَلَمُوا"، وهو الظَّاهرُ، وجوَّز الزمخشري أن يكون اعتراضاً قال: واللامُ لتأكيد نفي إيمانهم، ويعني بالاعتراض: كونه وقع بين الفعل، ومصدره التشبيهي في قوله: "كذلِكَ نَجْزِي" والضميرُ في "كانُوا" عائد على "القُرُون"، وجوَّز مقاتلٌ: أن يكون ضمير أهل مكة، وعلى هذا يكونُ التفاتاً، إذ فيه خُرُوجٌ من ضمير الخطابِ في قوله: "قَبْلِكُمْ"، إلى الغيبة، والمعنى: وما كنتم لتُؤمِنُوا.
و "كذلِكَ" نعتٌ لمصدرٍ محذوف، أي: مثل ذلك الجزاء نجزي. وقرىء "يَجْزِي" بياء الغيبة؛ وهو التفاتٌ من التكلُّم في قوله: "أهْلَكْنَا"، إلى الغيبةِ.
قوله: "ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ" أي: خلفاء {فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم} أي: من بعد القرون التي أهلكناهم، وهذا خطابٌ للذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله: "لِنَنظُرَ" متعلق بالجعل، وقرأ يحيى الذماري بنون واحدة، وتشديد الظَّاء، وقال يحيى: "هكذا رأيتُه في مصحف عثمان"، يعني: أنَّه رآها بنُون واحدة، ولا يعني أنَّهُ رآها مشددة؛ لأنَّ هذا الشَّكل الخاصَّ إنَّما حدث بعد عثمان، وخرجوها على إدغامِ النُّونِ الثانية في الظَّاء، وهو رَدِيءٌ جداً، وأحسنُ ما يقال هنا: إنَّه بالغ في إخفاءِ غُنَّة النُّون السَّاكنة، فظنَّه السَّامع إدغاماً، ورؤيته له بنُونٍ واحدةٍ، لا يدلُّ على قراءته إيَّاه مشددة الظَّاءِ، ولا مُخَفَّفها.
قال أبو حيان: "ولا يدلُّ على حذف النُّون من اللفظِ" وفيه نظرٌ؛ لأنه كيف يقرأ ما لم يكن مكتوباً في المصحف الذي رآه؟ وقوله: "كَيْفَ" منصوبٌ بـ "تَعْملُون" على المصدر، أي: أيَّ عملٍ تعملُون، وهي معلِّقة للنَّظر.
فإن قيل: كيف جاز النَّظرُ إلى الله تعالى وفيه معنى المقابلة؟
فالجواب: أنَّه استعير لفظُ النظرِ للعلم الحقيقيِّ، الذي لا يتطرَّقُ إليه الشَّكُّ، وشبه هذا العلم بنظرِ النظر، وعيان العاين.
فإن قيل: قوله: "لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" مُشْعرٌ بأنَّ الله - تعالى - ما كان عالماً بأحوالهم قبل وجودهم.
فالجواب: أنَّه - تعالى - يعامل العباد معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم؛ ليُجازيهُم بجنسه، كقوله:
{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }
[هود:7]، قال - عليه الصلاة والسلام -:
"إنَّ الدُّنْيَا خضرةٌ حُلوةٌ وإنَّ الله مُستخْلفُكُمْ فيهَا فنَاظِرٌ كيف تعمَلُون"
، قال الزجاج: "موضع "كيف" نصب بقوله: "تَعْمَلُون"؛ لأنَّها حرف استفهام، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله".
قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} الآية.
روي عن ابن عبَّاس: أن خمسة من الكفار كانوا يستهزءون بالرَّسول - عليه الصلاة والسلام - وبالقرآن: الوليدُ بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن حنظلة، فقتل الله - تعالى - كل واحدٍ منهم بطريقٍ، كما قال:
{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ }
[الحجر:95].
وقال مقاتل: هم خمسة: عبد الله بن أميَّة المخزومي، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاص بن عامر بن هشام، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن كنت تريد أن نؤمن بك، فأتِ بقرآنٍ ليس فيه تركُ عبادة اللاَّتِ، والعُزَّى، ومناة، وليسَ فيه عيبها، وإنْ لَمْ يُنْزلهُ الله، فقُلْ أنت من عند نفسك، أو بدله، فاجعل مكان آيةٍ عذابٍ آية رحمة، ومكان حرامٍ حلالاً، وحلال حراماً.
فإن قيل: إذا بدَّل هذا القرآن فقد أتى بغير هذا القرآن، وإذا كان كذلك، كان كلُّ واحدٍ من هذين الأمرين هو نفس الآخر، وممَّا يدلُّ على أنَّ كلَّ واحدٍ منهما عين الآخر: أنَّه - عليه الصلاة والسلام - اقتصر على الجواب بنفي أحدهما، فقال:{ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ}، فيكون التَّرديد فيه والتخيير باطلاً.
فالجواب: أنَّ أحد الأمرين غيرُ الآخر، فالإتيان بكتاب آخر، لا على ترتيب هذا القرآن ولا على نظمه، يكون إتياناً بقرآن آخر، وأمَّا إذا أتى بهذا القرآن، إلاَّ أنَّه وضع مكان ذمِّ بعض الأشياء مدحها، ومكان آية رحمةٍ آية عذابٍ، كان هذا تبديلاً، أو تقول: الإتيان بقُرآن غير هذا، هو أن يأتيهم بكتاب آخر سوى هذا الكتاب، والتبديل: هو أن يُغيِّر هذا الكتاب، مع بقاء هذا الكتاب.
وقوله: إنَّه اكتفى في الجواب بنفي أحد القسمين:
قلنا: إنَّ الجواب المذكُور عن أحد القسمين، هو عينُ الجواب عن القسم الثاني، فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر؛ لأنَّهُ - عليه الصلاة والسلام - بيَّن، أنَّه لا يجُوز أن يُبدِّله من تلقاءِ نفسه؛ لأنَّه واردٌ من الله - تعالى -، ولا يقدر على مثله، كما لا يقدر على مثله سائر العرب؛ لأنَّ ذلك كان مُتقرراً عندهم، لمَّا تحدَّاهُم بالإتيانِ بمثله.
واعلم: أنَّ التماسهُم لهذا يحتمل أن يكون سُخْريةً واستهزاءً، ويحتمل أن يكوّن ذلك على سبيل الجدِّ، ويكون غرضهم: أنه إن فعل ذلك، علمُوا كذبه في قوله: إنَّ هذا القرآن منزَّلٌ عليه من عند الله، ويحتمل أن يكون التماسهم كتاباً آخر؛ لأن هذا القرآن مشتملٌ على ذم آلهتهم، والطَّعن في طرائقهم، فطلبُوا كتاباً آخر ليس فيه ذلك، أو يكونوا قد جوَّزُوا كون القرآن من عند الله، لكنَّهُم التمسُوا منه نسخَ هذا القرآن، وتبديله بقرآن آخر.
قوله: "تِلْقاءِ" مصدرٌ على تِفْعَال، ولم يجيءْ مصدر بكسر التَّاء، إلاَّ هذا والتِّبيان، وقُرِىء شاذّاً بفتح التَّاء، وهو قياسُ المصادر الدَّالة على التَّكرار، كالتَّطْواف، والتَّجوال، وقد يستعمل التِّلقاء بمعنى قُبالتُكَ، فينتصبُ انتصابَ الظُّرُوف المكانيَّة.
قوله: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ} لمَّا أمرهُ أن يقول: {مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ}، أمرهُ بأن يقُول: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ} فيما آمركم به، وأنهاكم عنه، وهذا يدلُّ على أنَّه لم يحكم قط بالاجتهاد.
وتمسَّك نفاة القياس بهذه الآية؛ لأنَّها تدلَّ على أنَّه - عليه الصلاة والسلام -، ما حكم إلاَّ بالنَّصِّ. ثم قال: {إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} قالت المعتزلة: هذا مشروطٌ بعدم التوبة.
قوله تعالى: {قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} الآية.
لمَّا اتَّهمُوه بأنَّه أتى بهذا الكتاب من عند نفسه، احتجَّ عليهم بهذه الآية؛ وذلك بأنَّهم كانُوا عالمين بأحواله، وأنَّه ما طالع كتاباً، ولا تتلمَذ لأستاذ، ثم بعد أربعين سنة، أتى بهذا الكتاب العظيم المُشتَمل على نفائس علم الأصُول، ودقائق علم الأحكام، ولطائف علم الأخلاق، وأسرار قصص الأوَّلين، وعجز عن معارضته العلماء، والفُصحاء، والبُلغاء، فكل من له عقلٌ سليمٌ يعرف أنَّ مثل هذا، لا يحصُل إلاَّ بالوحْي، والإلهام من الله - تعالى -، والمعنى: لو شاء الله ما أنزل القرآن عليَّ.
قوله: "وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ" أي ولا أعلمكم الله به، من دَريْتُ، أي: عَلِمْتُ.
ويقال: دَرَيْتُ بكذا وأدْرَيْتُكَ بكذا، أي: أحطت به بطريق الدِّراية، وكذلك في "عَلِمْتُ به"؛ فتضمَّن العلمُ معنى الإحاطة، فتعَدَّى تعْديتَهَا.
وقرأ ابن كثير - بخلاف عن البزِّيِّ - "ولأدْرَاكم"، بلام داخلة على "أدْرَاكم" مُثبتاً، والمعنى: ولأعْلِمكُم به من غير وساطتي: إمَّا بواسطة ملكٍ، أو رسولٍ غيري من البشر، ولكنَّه خَصَّنِي بهذه الفضيلةِ، وقراءةُ الجمهور "لا" فيها مُؤكَّدَةٌ؛ لأنَّ المعطوف على المنفيِّ منفيٌّ، وليست "لا" هذه هي التي يُنفى بها الفعلُ؛ لأنَّه لا يصحُّ نفي الفعل بها إذا وقع جواباً، والمعطوفُ على الجواب جوابٌ، ولو قلت: "لو كان كذا لا كان كذا" لم يجُزْ، بل تقول "ما كَانَ كذا"، وقرأ ابنُ عبَّاس، والحسن، وابن سيرين، وأبو رجاء: "ولاَ أدْرَأكم" بهمزةٍ ساكنةٍ بعد الرَّاء، وفي هذه القراءة تخريجان:
أحدهما: أنها مبدلةٌ من ألف، والألفُ منقلبةٌ عن ياءٍ، لانفتاحِ ما قبلها وهي لغةٌ لعقيلٍ حكاها قطرب، يقولون في أعطيتُك: أعطأتُك.
وقال أبو حاتم: "قلب الحسنُ الياء ألفاً، كما في لغة بني الحرث، يقولون: علاكَ وإلاكَ، ثمَّ همز على لغة من قال في العالم: العألم". وقيل: أبدلتِ الهمزة من نفس الياء، نحو: لَبَأتُ بالحجِّ، ورثَأتُ فلاناً، أي: لَبَّيْتُ ورَثَيْتُ.
والثاني: أنَّ الهمزة أصليَّة، وأنَّ اشتقاقه من الدَّرْء وهو الدَّفْع، كقوله:
{ وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ }
[النور:8]، ويقال: أدْرَأته، أي: جعلته دَارئاً، والمعنى: ولأجعلنَّكم بتلاوته خُصماء تَدْرَؤونني بالجدال، قال أبُو البقاء: "وقيل هو غلط؛ لأنَّ قارئها ظَنَّ أنَّها من الدَّرْءِ وهو الدَّفْعُ؛ وقيل: ليس بغلطٍ، والمعنى: لو شاء اللهُ لدفعكم عن الإيمان به".
وقرأ شهر بن حوشب، والأعمش: "وَلاَأنذَرْتكُم" من الإنذار، وكذلك هي في مصحف عبد الله. قوله: "فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً" أي: حِيناً، وهو أربعون سنة، "مِّن قَبْلِهِ" أي: من قبل نُزُول القرآن، فقيل: الضَّمير في "قبلِه" يعود على النُّزول، وقيل: على القرآن، وقيل: على وقت النُّزُول، و "عُمُراً" مشبَّهٌ بظرف الزَّمان، فانتصب انتصابه، أي: مدة متطاولة، وقيل: هو على حذف مضافٍ، أي: مقدار عُمُر، وقرأ الأعمشُ: "عُمْراً" بسكون الميم، كقولهم "عَضْد" في "عَضُد".
ثم قال: "أَفَلاَ تَعْقِلُون" أنَّهُ ليس من قبلي، قال المفسِّرون: لبث النبيُّ صلى الله عليه وسلم وشرَّف وكرَّم ومجدَّ وعظَّم فيهم قبل الوحْي أربعين سنة، ثم أوحي إليه، فأقام بمكَّة بعد الوحْي ثلاثة عشرة سنة، ثم هاجر إلى المدينة، فأقام بها عشر سنين، ثم تُوفي، وهو ابن ثلاث وستِّين سنة. وروى أنس -
رضي الله عنه
-: أنه أقام بمكَّة بعد الوحي عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتُوُفِّي وهو ابن ستين سنة، والأول أشهر وأظهر.
قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً} الآية.
قال القرطبي: "هذا استفهامٌ بمعنى الجحد، أي: لا أحد أظلم ممَّن افترى على الله الكذب، وبدّل وأضاف شيئاً إليه ممَّا لم ينزل"، والمعنى: أنَّ هذا القرآن لوْ لَمْ يكُن من عند الله، لما كان أحدٌ في الدُّنيا أظلم على نفسه منِّي، حيث افتريتُه على الله، ولمَّا أقمتُ الدَّليلَ على أنَّه ليس الأمر كذلك، بل هُو وحيٌ من الله - تعالى -، وجب أن يقال: إنَّه ليس في الدُّنيا أحد أجهل، ولا أظلم على نفسه منكم.
والمقصود: نَفْي الكذب عن نفسه.
وقوله: "...أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ" فالمراد: إلحاق الوعيد الشديد بهم؛ حيث أنكروا دلائل الله - تعالى -، وكذَّبوا بآيات الله، وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن، ثم قال: {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ} أي: لا يَنْجُو المشركُون، وهذا تأكيدٌ لما سبق من هذين الكلامين.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2023 © جميع الحقوق محفوظة