خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٠٩
حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ
١١٠
-يوسف

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } الآية: وهذا يدلُّ على أنَّه ما بعث رسولاً إلى الخلق من النِّسوان، ولا من أهل البادية، وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "مَنْ بَدَا جَفَا".
قول: "نُوحِي" العامة على "يُوحَى" بالياء من تحت مبنيًّا للمفعول.
وقرأ حفص: "نُوحِي" بالنون، وكسر الحاء مبنيًّا للفاعل، اعتباراً بقوله:
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا } [النحل:43] وكذلك قرأ ما في النحل، وأوَّل الأنبياء، ووافقه الأخوان على قوله: { نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } في الأنبياء على ما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ والجملة صفة لـ"رِجَالاً" و{ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } صفة ثانيةٌ، وكان تقديم هذه الصِّفة على ما قبلها أكثر استعمالاً، لأنَّها أقرب إلى المفرد، وقد تقدَّم تحريره في المائدة.
فصل
قوله: { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } أي من أهل الأمصار دون أهل البوادي؛ لأن أهل الأمصار أعقل وأفضل وأعلم وأحلم.
قال الحسن: لم يبعث الله نبيًّا من أهل البادية ولا من الجن ولا من الملائكة وقيل إنما لم يبعث من أهل البادية لغلظهم وجفاهم كا تقدَّم.
{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } يعني: [هؤلاء] المشركين المكذبين، { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ }: آخر أمر، { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعنى: الأمم المكذِّبين فيعتبروا، { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } يقول ـ سبحانه وتعالى ـ: هذا فعلنا بأهل ولايتنا وطاعتنا أن نُنجِّهم عند نزول العذاب، وما في الدرار الآخرة لهم خير، فترك ذلك اكتفاء به لدلالة الكلام عليه، والمعنى: ولدار الحالِ الآخرة.
وقيل: هو إضافة الشيء إلى نفسه؛ كقوله:
{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } [الواقعة:95]، وكقولهم: يومُ الخَميِسِ، وربيعُ الآخر، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } فتؤمنون، قرأ نافع، وابن عامرٍ، ورواية عن عاصم: "تَعْقِلُون" بتاء الخطاب، والباقون بياء الغيبة.
قوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ } الآية.
ليس في الكلام شيء يكون، "حتَى" غاية له؛ فلذلك اختلفوا في تقدير شيءٍ يصحُّ جعله مغيًّا بـ"حتَّى".
فقدره الزمخشري: ما أرسلنا من قبلكَ رجالاً، فتراخى نصرهم حتَّى.
وقدره القرطبيُّ: ما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالاً، ثم لم نعاقب أممهم بالعقاب حتَّى إذا.
وقدره ابن الجوزي: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً، فدعوا قومهم فكذَّبوهم، فطال دعاؤهم، وتكذيب قومهم حتَّى إذا، وأحسنها المقدم.
وذكر ابن عطيَّة شيئاً من معنى قوله: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ } فقال: ويتضمن قوله "أفَلمْ يَسِيرُوا" إلى من قبلهم، أنَّ الرُّسل الذين بعثهم الله ـ تعالى ـ من أهل القرى دعوهم، فلم يؤمنوا حتى نزلت به المُثُلاث، فصبروا في حيِّز من يعتبر بعاقبته؛ فلهذا المضمَّن حسن أن تدخل "حتَّى" في قوله: "حتَّى إذَا".
قال أبو حيان: ولم يتلخَّص لنا من كلامه شيء يكون ما بعد "حتَّى" غاية لهُ؛ لأنَّه علَّق الغاية بما ادَّعى أنَّه فهم ذلك من قوله: "أفَلمْ يَسِيرُوا"، قال شهاب الدِّين: قوله: "دَعوهُمْ فَلم يُؤمِنُوا" هو المُغَيَّا.
قوله { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ } قرأ الكوفيُّون: "كُذِبُوا" بالتخفيف، والباقون بالتثقيل.
فأما قراءة التَّثقيل، فاضطربت فيه الأقوال: فرُوِي إنكارها عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "مَعاذَ اللهِ؛ لمْ تَكُنِ الرسُل لتظُنَّ ذلِكَ بِربِّهَا" وينبغي ألاَّ يصحَّ لك عنها؛ لتواتر هذه القراءة، وقد وجَّهت بأربعة [أوجه]:
أحدها: أن الضمير في "وظَنُّوا" عائدٌ على المرسل إليهم؛ لتقدُّمهم في قوله: { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ولأنَّ الرسل تستدعي مرسلاً إليهم، والضمير في "أنَّهُمْ" و"كُُذِبُوا" عائد على الرسل والمعنى: وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا، أي: كذَّبهم من أرسلوا إليه بالوحي، وينصرهم عليهم.
الثاني: أن الضمائر الثلاثة عائدة على الرسل.
قال الزمخشري في تقديره هذا الوجه: "حتَّى إذا اسْتَيئَسُوا من النَّصر، وظنوا أنهم قد كذبوا، أي كذَّبتهم أنفسهم حين حدَّثتهم أنهم ينصرون، أو رجاؤهم؛ لقولهم: رَجاءٌ صادقٌ، ورجاءٌ كاذبٌ، والمعنى: أن مدَّة التَّكذيب والعداوة من الكفَّار، وانتظار النصر من الله ـ تعالى ـ، وتأميله قد تطاولت عليهم وتمادت؛ حتى استشعروا القنوط، وتوهَّموا أن لا نصر لهم في الدنيا؛ فجاءهم نصرنا" انتهى.
فقد جعل الفاعل المقدر: إما "أنْفُسُهم"، وإما "رَجَاؤهم"، وجعل الظَّنَّ بمعنى: التَّوهُّم، فأخرجه عن معناه الأصليِّ، وهو يرجِّحُ أحد الطرفين، وعن مجازه، وهو استعماله في المتيقن.
الثالث: أن الضمائر كلَّها عائدة على الرسل، والظنُّ على بابه من التَّرجيح، وإلى هذا نحا ابنُ عبَّاسٍ، وابن مسعود، وابن جبير، وقالوا: والرُّسُل بشر؛ فضعفوا، وساء ظنُّهُم.
وهذا لا ينبغي أن يصحَّ عن هؤلاء: فإنها عبارة غليظة على الأنبياء، وحاشا الأنبياء من ذلك، ولذلك ردَّت عائشة، وجماعة كثيرة هذا التأويل، وأعظموا أن ينسبوا الأنبياء إلى شيء من ذلك.
قال الزمخشريُّ: "إن صحَّ هذه عن ابن عبَّاس، فقد أراد بالظَّنِّ؛ ما يخطر بالبالِ، ويهجُس في القلب من شبه الوسوسة، وحديث النَّفس على ما عليه البشريِّة، وأما الظنُّ الذي هو ترجيح أحد الجائزين عل الآخر؛ فغير جائزٍ على رجلٍ من المسلمين، فما بالُ رُسل الله الذين هم أعرف بربِّهم".
قال شهاب الدِّين: "ولا يجوز أيضاً أن يقال: خطر ببالهم شبه الوسوسة، فإن الوسوسة من الشيطان، وهم معصومون منه".
وقال الفارسي أيضاً: "إن ذهب ذاهبٌ إلى أن المعنى: ظن الرُّسل الذين وعد الله أممهم على لسانهم قد كذبوا؛ فقد أتى عظيماً لا يجوز أن ينسب مثله إلى الأنبياء، ولا إلى صالح عباد الله، وكذلك من زعم: أنَّ ابن عبَّاس ذهب إلى أن الرسل قد ضعفوا، [فظنوا] أنهم قد أخلفوا؛ لأن الله لا يخلف الميعاد، ولا مبدِّل لكلماته".
وقد روي عن ابن عباس أيضاً، أنه قال: معناه: وظنوا حين ضعفوا وغلبوا؛ أنهم قد أخفلوا ما وعدهم الله به من النصر،وقال: وكانوا بشراً؛ وتلا قوله تعالى:
{ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } [البقرة:214].
الرابع: أن الضمائر كلَّها ترجع إلى المرسل إليهم أي: وظنَّ المرسل إليهم أنَّ الرسل قد كذبوهم فيما ادَّعوه من النبوة، وفيما يوعدون به من لم يؤمن بهم من العقاب قبل، وهذا هو المشهور من تأويل ابن عباس، وابن مسعود، وابن جبير، ومجاهد، قالوا: "و لايجوز عود الضمائر على الرسل؛ لأنَّهم معصومون".
ويحكى: أنَّ ابن جبير حين سئل عنها، فقال: نعم، حتَّى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدِّقوهم، وظنَّ المرسل إليهم أن الرُّسل قد كذبوهم؛ فقال الضحاك بن مزاحم ـ وكان حاضراً ـ: "لَوْ رحَلْتُ فِي هَذه إلى اليَمنِ كَانَ قَلِيلاً".
وأمَّا قراءة التشديد فواضحة، وهو أن تعود الضمائر كلها على الرسل، أي: وظنَّ الرُّسل أنهم قد كذبهم أممهم فيما جاءوا به؛ لطول البلاءِ عليهم.
وفي صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنَّها قالت:
"إنَّهُم أتْبَاعُ الأنْبيَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا بِربهم وصدَّقُوا، طَالَ عَليهِمُ البَلاءُ واسْتأخَرَ عَنْهُم النَّصْر، حتَّى إذَا اسْتَيْأسَ الرُّسلُ ممَّن كذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وظنَّتِ الرُّسلُ أنَّهُمْ قَد كذَّبُوهُم، جَاءَهُمْ نَصْرُ اللهِ عِندَ ذلِكَ" .
وبهذا يتَّحد معنى القراءتين، والظَّن هنا يجوز أن يكون على بابه، وأن يكون بمعنى: اليقين، وأن يكن بمعنى: التوهُّم كما تقدَّم.
وقرأ ابن عبَّاس، ومجاهد، والضحاك ـ رضي الله عنهم ـ: "كَذبُوا" بالتخفيف مبنيًّا للفاعل، والضمير على هذه القراءة في "وظنُّوا" عائدٌ على الأمم، في أنَّهُم قد كذبوا، عائد على الرسل، أي: ظنَّ المرسلُ إليهم أنَّ الرسل قد كذبوهم فيما وعدوهم به من النَّصر، أو من العقاب.
ويجوز أن يعود الضمير في "ظَنُّوا" على الرسل، وفي "أنَّهُمْ قَدْ كذِبُوا" على المرسل إليهم، أي: وظنَّ الرسل أنَّ الأمم كذبتهم فميا وعدهم به من أنَّهم لا يؤمنون به، والظنُّ هنا بمعنى: اليقين واضح.
ونقل أبو البقاء: "أنه قرىء مشدّداً مبنيّاً للفاعل، وأوله: بأن الرسل ظنّوا أن الأمم قد كذبوهم".
وقال الزمخشري بعد ما حكى قراءة المبني للفاعل: "ولو قرىء بها مشددة لكان معناه: وظن الرسل أن قومهم قد كذَّبُوهم فيما وعدوهم" فلم يحفظها قراة، وهي غريبة، وكان قد جوَّز في القراءة المتقدمة: أن الضَّمائر كلَّها تعود على الرُّسل، وأن يعود الأول على المرسل إليهم وما بعده على الرسل، فقال: "وقرأ مجاهد: "كَذبُوا" بالتخفيف على البناء للفاعل، على: وظنَّ الرسل أنهم قد كذبوا فيما حدَّثوا به قومهم من النُّصرة: إمَّا على تأويل ابن عبَّاس، وإمَّا على أنَّ قومهم إذا لم يروا لموعدهم أثراً، قالوا لهم: قد كذبتمونا، فيكونون كاذبين عند قومهم، أي: وظنَّ المرسل إليهم أنَّ الرسل قد كذبوا".
وقوله "جَاءَهُمْ": جواب الشِّرط، وتقدَّم الكلام في "حتَّى" هذه ما هِي؟. أي: لمَّا بلغ الحال إلى الحدِّ المذكور؛ جاءهم نصرنا.
فإن قيل: لم يجر ذكر المرسل إليهم فيما سبق، فكيف يحسن عود الضَّمير إليهم؟.
فالجواب: ذكر الرسل يدلُّ على ذكر المرسل إليهم، أو يقول: إن ذكرهم جرى في قولهم: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ويكون الضمير عائداً على الذين من قبلهم، من مكذِّبي الرسل.
قوله: { فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ } قرأ عاصمٌ، وابن عامر بنون واحدة، وجيم مشددة، وياء مفتوحة؛ على أنَّه فعلٌ ماض مبنيٌّ للمفعول، و"مَنْ": قائمة مقام الفاعل، والباقون بنونين ثانيتهما ساكنة والجيم خفيفة، والياء الساكنة على أنه مضارع أنْجَى، و"مَنْ" مفعولة، والفاعل ضمير المتكلم المعظم نفسه على الاستقبال، على معنى: فنفعل بهم ذلك، وهذه حكاية حالٍ، ألا ترى أنَّ القصَّة فيما مضى، وإنَّما حكى الحال؛ كقوله تعالى
{ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ } [القصص:15] إشارة إلى الحاضر، والقصَّة ماضية.
وقرأ الحسن، والجحدريُّ، ومجاهد في آخرين كقراءة عاصم، إلا أنَّهم سكَّنوا الياء، والأجود في تخريجها ما تقدَّم، وسكِّنت الياء تخفيفاً، كقراءة:
{ تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ } [المائدة:89] وقد سكِّن الماضي الصَّحيح، فكيف بالمعتلِّ؟
كقوله: [مجزوء الرمل]

3157ـ................ قَدْ خُلِطْ بِجُلْجُلانْ

وتقدم من أمثاله.
وقيل: الأصل "نُنْجِي" بنونين؛ فأدغم النون في الجيم، وليس بشيء؛ إذا النون لا تدغم في الجيم على أنَّه قد قيل بذلك في قوله:
{ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الأنبياء:88] كما سيأتي بيانه ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وقرأ جماعة كقراءة الباقين إلا أنَّهم فتحوا الياء، قال ابن عطيَّة: "رواها ابن هبيرة، عن حفص، عن عاصم، وهي غلط من ابن هبيرة".
قال شهابُ الدِّين: توهَّم ابن عطيِّة أنه مضارع باقٍ على رفعه، فأنكر فتح لامه وغلَّط راويها، وليس بغلط؛ وذلك أنه إذا وقع بعد الشرط والجزاء معاً مضارع مقرون بالفاء، جاز فيه أوجه:
أحدها: نصبه بإضمار "أن" بعد الفاء، وقد تقدَّم عند قوله:
{ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ } [البقرة:284] إلى أن قال: "فَيَغْفِر" قرىء بنصبه، وقد تقدم توجيهه، ولا فرق بين أن تكون أداة الشرط جازمة كآية البقرة، أو غير جازمة كهذه الآية.
وقرأ الحسن أيضاً "فنُنَجِّي" بنونين، والجيم مشددة، والياء ساكنة مضارع "نَجَّى" مشددة للتكثير، وقرأ هو أيضاً، ونصر بن عاصم، وأبو حيوة: "فَنَجَا" فِعْلا ماضياً مخففاً، و"مَنْ" فاعله.
ونقل الدَّاني: أنه قرأ لابن محيصن كذلك، إلا أنه شدَّد الجيم، والفاعل ضمير النَّصر، و"مَنْ" مفعوله، ورجح بعضهم قراءة عاصم؛ بأن المصاحف اتفقت على كتبها "فَنُجِّيَ" بنون واحدة، نقله الداني، ونقل مكي: أن أكثر المصاحف عليها، فأشعر هذا بوقوع الخلاف في الرَّسم، ورجَّح أيضاً: بأنَّ فيها مناسبة لما قبلها من الأفعال الماضية، وهي جارية على طريقة كلام الملوك والعظماء، منحيث بناء الفعل [للمفعول].
وقرأ أبو حيوة: "يَشَاءُ" بالياء، وتقدَّم أنه قرأ "فَنَجَا"، أي: فنجا من يشاء الله نجاته، وهم المؤمنون المطيعون.
قوله: { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا }: عذابنا، وقرأ الحسن "بَأسهُ" والضمير لله، وفيها مخالفة للشواذَّ، "عَنِ القومِ المُجْرمينَ" أي: المشركين.