قوله تعالى: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } الآية، "ولُوطاً" إمّا منصوب عطفاً على "صالحاً" أي: وأرسلنا لوطاً، وإمّا عطفاً على "الَّذِينَ آمَنُوا"، أي: وأنجينا لوطاً، وإمّا "باذْكُر" مضمرة، و "إذْ قَالَ": بدل اشتمال من "لُوطاً"، وتقدّم نظيره في مريم وغيرها.
"أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ" استفهام على وجه الإنكار، والتوبيخ بمثل هذا اللفظ أبلغ، و "الفَاحِشَةِ": الفعلة القبيحة.
قوله: "وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" جملة حالية من فاعل "تَأْتُونَ" أو من "الفَاحِشَةَ"، والعائد محذوف، أي: وأنتم تبصرونها لستم عُمياً عنها جاهلين بها، وهو أشْنَعُ. وقيل: المعنى يرى بعضكم بعضاً، وكانوا لا يستترون، عتوّاً منهم. فإن قيل: إذا فسرت "تُبْصِرُونَ" بالعلم، وبعده: { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } فكيف يكون علماً جهلاً؟ فالجواب:
تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك، أو تجهلون العاقبة، أو أراد بالجهل: السفاهة والمجانة التي كانوا عليها.
قوله: "شَهْوَةً": مفعول من أجله، أو في موضع الحال، وقد تقدّم.
قوله: فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ: خبر مقدم، و { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ } في موضع الاسم. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق برفعه اسماً، و { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ } خبر وهو ضعيف، لما تقدّم تقريره. وتقدّم قراءتا "قَدَّرْنَا" تشديداً وتخفيفاً، والمخصوص بالذم محذوف في قوله: { فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } أي: مَطَرُهُمْ.
فصل
لما بيَّن تعالى جهلهم، بيّن أنهم أجابوا بما لا يصلح أن يكون جواباً، فقال: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }، أي: يتطهرون من هذا الصنيع الفاحش. وقيل: قالوا ذلك على وجه الهزء.
{ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا } قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا "مِنَ الغَابِرِينَ"، أي: الباقين في العذاب، و { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً }، وهو الحجارة { فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ }.