خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ
٨٨
-النمل

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } هذه العلامة الثالثة لقيام القيامة، وهي قوله تعالى: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ } [الكهف: 47] "جَامِدَةً" قائمة واقعة، و "تَحْسَبُهَا جَامِدَةً" هذه الجملة حالية من فاعل "تَرَى" أو من مفعوله، لأن الرؤية بصرية.
قوله: "وَهِيَ تَمُرُّ" الجملة حالية أيضاً، وهكذا الأجرام العظيمة تراها واقفة وهي مارة قال النابغة الجعدي يصف جيشاً كثيفاً:

3973 - بِأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسِبُ أَنَّهُمْ وُقُوفٌ لِحَاجٍ وَالرِّكَابُ تُهَمْلِجُ

و"مَرَّ السَّحَابِ": مصدر تشبيهي، قوله: "صُنْعَ اللَّهِ" مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة عامله مضمر، أي: صنع الله ذلك صنعاً، ثم أضيف بعد حذف عامله، وجعله الزمخشري مؤكداً للعامل في { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } [النمل: 87] وقدره: ويوم ينفخ وكان كيت وكيت أثاب الله المحسنين وعاقب المسيئين في كلام طويل جرياً على مذهبه، وقيل منصوب على الإغراء، أي: انظروا صنع الله وعليكم به. والإتقان: الإتيان بالشيء على أكمل حالاته، وهو من قولهم: تقن أرضه إذا ساق إليها الماء الخاثر بالطين لتصلح للزراعة، وأرض تقنة، والتقن فعل ذلك بها، والتقن أيضاً: ما رمي به في الغدير من ذلك أو الأرض، ومعنى { أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } أي: أحكمه. { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالغيبة جرياً على قوله "وَكُلٌّ أَتَوْهُ"، والباقون بالخطاب جرياً على قوله "وتَرَى"، لأن المراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته.