خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ
٤١
-الزمر

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ } الآية.. اعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعظُم عليه إصراهم على الكفر كما قال تعالى: { { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ ءَاثَارِهِمْ } [الكهف:6] وقال: { { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [فاطر:8] وقال: { { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [الشعراء:3] فلما بين الله تعالى في هذه الآيات فساد مذاهب المشركين تارة بالدلائل البينات وتارة بضرب الأمثال وتارةً بذكر الوعد والوعيد أردفه بكلام يزيل ذلك الخوف العظيم عن قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ الكامل الشريف لنفع الناس وهداهم وجعلنا إنزاله مقروناً بالحق وهو المعجز الذي يدل على أنه من عند الله فمن اهتدى فنفعه يعود إليه ومن ضل فضير ضلاله يعود إليه { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } أي لست مأموراً بأن تحملهم على الإيمان على سبيل القهر بل القَبُول، وعدم القبول مفوض إليهم وذلك تسلية للرسول - عليه (الصلاة و) السلام - ثم بين تعالى الهداية لا تحصل إلا بتوفيق الله تعالى، وكما أن الموت والنوم لا يحصلان إلا بتخليق الله تعالى، كذلك الضلال لا يحصل إلا بأمر الله تعالى، ومن عرف هذه الدقيقة فقد عرف سرّ الله في القدر ومن عرف سرّ الله تعالى في القدر هانت عليه المصائب فيصير التنبيه على هذه الدقيقة سبباً لزوال ذلك الحزن عن قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهذا وجه النظم، وفيه وجه آخر وهو أن الله تعالى ذكر حجة أخرى في إثبات أنه إلهٌ عالم ليلد على أنه بالعبادة أحقُّ من هذه الأصنام.