لما أوْرَد الحُجَّة على جميع الفرق من المُنَافِقِين والكُفَّار واليَهُودِ والنَّصَارَى، وأجَابَ عن شُبُهَاتِهِم عمم الخطاب، ودعا جميع النَّاس إلى الاعْتِرَافِ بِرِسَالةِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، والمراد بالبُرْهَان: محمد - عليه الصلاة والسلام -، وسُمِّي بُرْهَاناً؛ لأن حِرْفَتَهُ إقامَة البُرْهَان على تحْقِيق الحقِّ، وإبْطَال البَاطِل، والنُّور المُبينُ هو القُرآن؛ لأنه سَبَبٌ لوُقُوع نُور الإيمانِ في القَلْبِ.
قوله تعالى: { مِّن رَّبِّكُمْ } فيه وجهان:
أظهرهما: أنه مُتَعَلِّق بمَحْذُوفٍ، لأنه صِفَةٌ لـ "بُرْهَان" أي: بُرْهَانٌ كائِنٌ من ربكم، و"مِنْ" يجُوز أن تكُون لابتداء الغَايَةِ مَجَازاً أو تَبْعِيضيَّة، أي: من بَرَاهِينِ رَبِّكُم.
والثاني: أنه مُتَعَلِّقٌ بنفس "جَاءَ"، لابتداء الغَايَةِ كما تقدَّم.