خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ
٤٠
يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤١
إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٤٢
-الدخان

اللباب في علوم الكتاب

قوله: { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ } العامة على رفع ميقاتهم خبراً لـ "إنّ". وقرىء بنصبه على أنه اسم إنَّ، و "يَوْم الفَصل" خبره. وأجمعوا على تأكيد الضَّمير المجرور.
(فصل
لما ذكر الدليل على إثبات البَعْث والقيامة ذكر عَقِيبه يوم الفصل قال الحسن: سمي بذلك لأن الله تعالى يفصل فيه بين أهل الجنة، وأهل النار. وقيل: إن الله يفصل فيه بين العباد في الحكم والقضاء. وقيل: يفصل بين المؤمن وبين ما يكره, ويفصل بين الكافر وبين ما يريد. وقيل: يظهر حال كل أحد كما هو فلا يبقى إلاَّ الحقائقُ والبَيِّنات، ثم وصف ذلك اليوم فقال: "يَوْمَ لاَ يُغْني" يجوز أن يكون بدلاً من "يَوْم الفَصْلِ" أو بياناً عند من لا يشترط المطابقة تعريفاً وتنكيراً. أو أن يكون منصوباً بإضمار أعني، وأن يكون صفة لميقاتهم ولكنه بني. قاله أبو البقاء. وهذا لا يتأتى عنه البصريين لإضافته إلى معرب، وقد تقدم آخر المائدة، وأن ينتصب بفعل يدل عليه "يوم الفصل" أي يفصل بينهم يَوْمَ لا يُغْنِِي، ولا يجوز أن ينتصب بـ "الفَصْل" نفسه لما يلزم من الفصل بينهما بأَجْنَبيِّ وهو "مِيقَاتُهُمْ" والفصل مصدر لا يجوز فيه ذلك.
وقال أبو البقاء: لأنه قد أخبر عنه، وفيه تَجَوز، فَإنَّ الإخبار عما أضيف إلى الفَصْل لا عن الفصل).
قوله: { مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً } لا ينفع قريبٌ قَرِيبَهُ، ولا يدفع عنه { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي ليس لهم ناصر يمنعهم من عذاب الله. واعلم أن القريب إما في الدين أو في النَّسب أو المعتق وكل هؤلاء يُسَمَّوْنَ بالمولى فلما لم تحصل النصرة لهم فبأن لا تحصل ممَّنْ سواهم أولى. ونظير هذه الآية قوله تعالى:
{ وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } [البقرة:123] إلى قوله { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } قال الواحدي: المراد بقوله: مولى عن مولى الكفار، لأنه ذكر بعده المؤمن فقال: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ } قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) ـ يريد المؤمن فإنه يشفع له الأنبياءُ والملائكةُ.
قوله: "وَلاَ هُمْ" جمع الضمير عائداً به على "مَوْلى"، وإن كان مفرداً؛ لأنه قصد معناه، فجمع وهو نكرة في سياق النفي تَعُمُّ.
قوله: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ } يجوز فيه أرْبَعَة أوْجُهٍ:
أحدها: وهو قول الكسائي أنه منقطع.
الثاني: أنه متصل تقديره: لا يُغْني قريبٌ عن قريبٍ، إلا المؤمنين فإنهم يُؤْذَنُ لهم في الشفاعة فيَشْفَعُونَ في بعضهم كما تقدم عن ابن عباس.
الثالث: أن يكون مرفوعاً على البديلة من "مَوْلًى" الأول، ويكون "يُغْنِي" بمعنى ينفع قاله الحوْفيُّ.
الرابع: أنه مرفوع المحل أيضاً على البدل من واوِ "يُنْصَرُونَ" أي لا يمنع من العذاب إلا منرحمه الله .