خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً
٢٨
-الفتح

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ } وهذا تأكيد لبيان صدق في الرؤيا؛ لأنه لما كان مرسلاً لرسوله ليهدي، لا يريد ما لا يكون فيحدث الناس فيظهر خلافه فيكون ذلك سبباً للضلال. ويحتمل أن الرؤيا الموافقة للواقع قد تقع لغير المرسل، ولكن ذلك قليل لا يقع لكل أحد فقال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ } وحكى له ما سيكون في اليقظة فلا يبعد أن يُرِيَه في المنام ما سيقع ولا استبعاد في صدق رؤياه وفيها بيان وقوع الفتح ودخول مكة بقوله تعالى: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } أي من يقويه على الأديان لا يستبعد منه فتح مكة. والهدى يحتمل أن يكون هو القرآن كقوله تعالى: { أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ } [البقرة:185] وعلى هذا دين الحق هو ما فيه من الأصول والفروع. ويحتمل أن يكون الهدى هو المعجزة أي أرسله بالمعجزة. فيكون قوله: "وَدِينَ الحق" إشارة إلى ما شرع. ويحتمل أن يكون الهدى هو الأصولَ ودين الحق هو الأحكام. والألف واللام في "الهدى" يحتمل أن تكون للعهد وهو كقوله: { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ } [الأنعام:88] وأن تكون للتعريف أي كل ما هو هُدًى.
قوله: "وَدِينَ الْحَقِّ" يحتمل أن يكون المراد دين الله تعالى؛ لأن الحق من أسماء الله، ويحتمل أن يكون الحقُّ نقيضَ الباطل، فكأنه قال: دين الأمر الحق، ويحتمل أن يكون المراد الانقياد للحق، وقوله: أرسله بالهدى ـ وهو المعجزة ـ على أحد الوجوه { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } أي جنس الدين { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } على أنك صادق فيما تخبر وفي أنك رسول الله. وهذا في تسلية قلب المؤمنين فإنهم تأَذوا من ردِّ الكفَّار عليهم العهد المكتوب وقالوا: لا نعلم أنه رسول الله فلا تكتبوا محمد رسول الله، بل اكتبوا محمد بن عبد الله، فقال تعالى: { كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } أي في أنه رسول الله.