مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
١٠٥
-المائدة
أضف للمقارنة
اللباب في علوم الكتاب
لمَّا بين أنَّ هؤلاء الجُهَّالِ لم ينتَفِعُوا بِشَيءٍ ممَّا تقدَّم من التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ، بل بَقُوا مُصِرِّين على جَهْلهم وضَلالِهم، قال: فَلا تُبَالوا أيّها المُؤمِنُون بجهالاتِهِم، بل كُونُوا مُنْقَادِين لتَكَالِيفِ اللَّهِ تعالى، فلا يضُرُّكم ضلالَتُهُم.
قوله: "عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ": الجمهورُ على نَصْب "أنْفُسَكُمْ" وهو منصوب على الإغْرَاء بـ "عَلَيْكُمْ"؛ لأنَّ "عَلَيْكُمْ" هنا اسمُ فعلٍ؛ إذ التقديرُ: الزمُوا أنْفُسَكُمْ، أي: هَدايَتَهَا وحِفْظَهَا مِمَّا يُؤذِيَها، فـ "عَلَيْكُمْ" هنا يرفعُ فاعلاً، تقديره: عَلَيْكُمْ أنْتُمْ؛ ولذلك يجوز أن يُعْطَفَ عليه مرفوعٌ؛ نحو: "عَلَيْكُمْ أنْتُمْ وزَيْدٌ الخَيْرَ"؛ كأنك قُلْتَ: الزَمُوا أنتم وزَيْدٌ الخَيْرَ، واختلف النحاةُ في الضميرِ المتصلِ بها وبأخواتها؛ نحو: إلَيْكَ ولدَيْكَ ومَكَانَكَ، فالصحيحُ أنه في موضع جرٍّ؛ كما كان قبلَ أن تُنْقَلَ الكلمةُ إلى الإغراء، وهذا مذهب سيبويه، واستدلَّ له الأخفشُ بما حكى عن العرب "عَلَى عَبْدِ الله" بجرِّ "عَبْدِ الله" وهو نصٌّ في المسألة، وذهب الكسائيُّ إلى أنه منصوبُ المحلِّ، وفيه بُعْدٌ؛ لنصبِ ما بعدهما، أعني "عَلَى" وما بعدها كهذه الآية، وذهب الفرَّاء إلى أنه مرفوعُه.
وقال أبو البقاء - بعد أن جعل "كُمْ" في موضع جرّ بـ "عَلَى" بخلافِ "رُوَيْدَكُمْ" -: "فإن الكاف هناك للخطَابِ، ولا موضع لها، فإن "رُوَيْد" قد استُعملتْ للأمر المواجه من غير كافِ الخطابِ، وكذا قوله تعالى:
{
{ مَكَانَكُمْ }
[يونس: 28] "كُمْ" في محل جَرٍّ"، وفي هذه المسألة كلامٌ طويلٌ، صحيحُه أنَّ "رُوَيْد" تارةً يكون ما بعدها مَجْرُورَ المحلّ وتارةً منصوبَهُ، وقد تقدَّمَ في سورةِ النساءِ الخلافُ في جواز تقديمِ معمُولِ هذا البابِ عليه.
قال ابنُ الخطيب: قال النَّحْوِيُّونَ: "عَلَيْك، وعِنْدَك، ودُونَك" من جُمْلة أسْماءِ الأفْعَال، فَيُعدُّونَهَا إلى المَفْعُول، ويُقِيمُونَهَا مقامَ الفِعْلِ، وينصِبُون بِهَا، فإذا قال: "عَلَيْك [زيداً]" كأنه قال: خُذْ زيْداً [فقد عَلاَك، أي أشْرَفَ عليْك]، وعِنْدَك زَيْداً، أي: حَضَرَك فَخُذْهُ، و"دُونَك" أي: قَرُبَ مِنْكَ فَخُذْهُ، فهذه الأحرف الثلاثَةُ لا خِلاَف بَيْن النُّحَاة في جوازِ النَّصْب بِهَا.
وقرأ نافعُ بن أبي نُعَيْمٍ: "أنْفُسُكُمْ" رفعاً فيما حكاه عنه صاحبُ "الكشَّاف"، وهي مُشْكَلِةٌ، وتخريجُها على أحد وجهين: إمَّا الابتداء، و"عَلَيْكُمْ" خبره مقدَّم عليه، والمعنى على الإغْراء أيضاً؛ فإنَّ الاغراء قد جاء بالجملة الابتدائيَّة، ومنه قراءةُ بعضهم
{
{ نَاقَةُ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا }
[الشمس: 13]، وهذا تحذيرٌ نظيرُ الإغراء.
والثاني من الوجهين: أن تكون توكيداً للضميرِ المُستترِ في "عَلَيْكُمْ"؛ لأنه كما تقدَّم تقديره قائمٌ مقام الفعْلِ، إلا أنه شَذَّ توكيدُه بالنفس من غير تأكيدٍ بضمير منفصلٍ، والمفعولُ على هذا محذوفٌ، تقديرُه: عَلَيْكُمْ أنْتُمْ أنْفُسُكُمْ صَلاحَ حالِكُمْ وهدايَتَكُمْ.
قوله: "لا يَضُرُّكُمْ" قرأ الجمهور بضمِّ الراء مشددة، وقرأ الحسن البصريُّ: "لا يَضُرْكُمْ" بضم الضادِ وسكُونِ الراء، وقرأ إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: "لا يَضِرْكُمْ" بكسر الضادِ وسكون الراءِ، وقرأ ابو حيوة: "لا يَضْرُرُكُمْ" بسكون الضاد وضم الراء الأولى والثانية.
فأمَّا قراءةُ الجمهور: فتحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون الفعلُ فيها مَجْزُوماً على جوابِ الأمر في "عَلَيْكُمْ"، وإنما ضُمَّتِ الراءُ إتباعاً لضمَّةِ الضَّادِ، وضمةُ الضادِ هي حركةُ الراء الأولى، نُقِلَتْ للضَّادِ [لأجلِ] إدغامها في الراء بعدها، والأصْلُ: "لا يَضْرُرْكُمْ"، ويجوز أن يكون الجزمُ لا على وجه الجواب للأمرِ، بل على وجهِ أنه نهي مستأنفٌ، والعملُ فيه ما تقدَّم؛ وينصُرُ جواز الجزمِ هنا على المعنيين المذكورينِ من الجواب والنهْيِ: قراءةُ الحسنِ والنخَعِيِّ؛ فإنهما نَصٌّ في الجزْمِ، ولكنهما محتملتان للجَزْمِ على الجوابِ أو النهي.
والوجه الثاني: أن يكون الفعلُ مرفوعاً، وليس جواباً ولا نهياً، بل هو مستأنفٌ سِيقَ للإخبار بذلك، وينصرُه قراءةُ أبي حَيْوَةَ المتقدِّمةُ.
وأمَّا قراءةُ الحسن: فَمِنْ "ضَارَهُ يَضُورُهُ" كصَانَهُ يَصُونُهُ، وأما قراءة النخَعِيِّ فمِنْ "ضَارَهُ يَضِيرُهُ" كَبَاعَهُ يبيعُهُ، والجزم فيهما على ما تقدَّم في قراءة العامة من الوجهين، وحكى أبو البقاء: "لا يَضُرَّكُمْ" بفتح الراء، ووجهها على الجزم، وأن الفتح للتخفيفِ، وهو واضح، والجزم على ما تقدَّم أيضاً من الوجهين، وهذه كلُّها لغاتٌ قد تقدَّم التنبيهُ عليها في آل عمران [الآية 144].
و"مَنْ ضَلَّ" فاعلٌ، و"إذَا" ظرفٌ محضٌ ناصبه "يَضُرُّكُمْ"، أي: لا يَضُرُّكُمُ الذي ضَلَّ وقتَ اهْتِدَائِكُمْ، ويجوز أن تكون شرطية، وجوابُها محذوفٌ؛ لدلالةِ الكلام عليه، وقال أبو البقاء: "ويبعُدُ أن تكون ظرفاً لـ "ضَلَّ"؛ لأنَّ المعنى لا يَصِحُّ معه"، قال شهاب الدين: لأنه يصير المعنى على نفي الضرر الحاصل مِمَّنْ يضلُّ وقْتَ اهتدائهم، فقد يُتَوَهَّم أنه لا ينتفي عنهم ضَرَرُ من ضلَّ في غيرِ وقْتِ اهتدائِهِمْ، ولكنَّ هذا لا ينفي صِحَّة المعنى بالكليةِ كما ذكره.
فصل في سبب نزول الآية
في سببِ نُزُولِ الآيَةِ وُجُوهٌ:
أحدها: رَوَى الكَلْبِيُّ عن أبِي صالح عن ابْنِ عبَّاسٍ: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لما قَبِلَ من أهْلِ الكِتَابِ الجِزْيَة، من بَعْضِ الكُفَّار دُون بَعْض، نزلتْ هذه الآية، والمعنى: لا يَضُركُم ملامة اللاَّئِمِين إذا كُنْتُم على الهُدى.
وثانيها: أنَّ المُؤمنين كان يشْتَدُّ عليهم بَقَاءُ الكُفَّارِ على كُفْرِهمْ وضَلاَلتِهِم، فقيل لَهُم: عَلَيْكُم أنْفسكُم بإصلاحِهَا، والمَشْي بها في طريقِ الهُدَى، لا يَضُرُّكُم ضلال الضَّالِّين، ولا جَهْلُ الجَاهِلِين.
وثالثها: أنَّهُم كانوا يَغْتَمُّونَ لِعَشَائِرِهمْ لمَّا مَاتُوا على الكُفْرِ، فَنُهُوا عن ذلك.
قال ابن الخَطيبِ: والأقربُ عِنْدِي، أنَّه تعالى لما حَكَى عَنْ بَعْضِهم أنَّه إذا قِيلَ لَهُمْ:
{
{ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ }
[المائدة: 104] بيَّن تعالى بهذه الآية، أنَّه لا يَنْبَغِي للمُؤمِنِينَ أنْ يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ في هذه الطَّريقَةِ الفَاسِدَةِ، بل يَنْبَغِي أنْ يَصْبِروا على دينهِم، وأنْ يَعْلَمُوا أنَّه لا يَضُرُّهُمْ جَهْلُ أولَئِك.
فصل
رُوِي عن أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق -
رضي الله عنه
- أنَّه قال: يا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمُ تَقْرَؤُون هذه الآية { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ } فإنِّي سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إنَّ النَّاس إذا رَأوا مُنْكَراً فَلَمْ يُغيّروه، يُوشِكُ أن يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِه"
.
وفي رواية:
"لَتَأمُرُنَّ بالمعرُوفِ، ولتنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أو لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ فليَسُومُونكمْ سُوءَ العذابِ، ثُمَّ ليَدْعون اللَّه خيارُكُمْ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ"
.
قال أبُو عُبَيْدة: خاف الصِّدِّيق أن يتأوَّل النَّاسُ الآية غير مُتَأوّلها، فيَدْعُوهم إلى تَرْكِ الأمْرِ بالمعرُوف، فأعْلَمَهُم أنَّها لَيْسَتْ كذلك، وأنَّ الذي أذِنَ في الإمْسَاكِ عن تَغْييرِه من المُنْكر، هو الشِّرْكُ الذي يَنْطِقُ به المُعَاهدُون من أجل أنَّهُم يَتَديَّنُون به، وقد صُولِحُوا عليه، فأمَّا الفُسُوق والعِصْيَان والذَّنْبُ من أهْل الإسلام، فلا يَدْخُلُ فيه.
وعن ابن مسعودٍ قال في هذه الآية: مُرُوا بالمعْرُوف وانْهَوْا عن المُنْكَرِ ما قُبِلَ مِنْكُم، فإن رُدَّ عَلَيْكم فَعَليْكُم أنْفُسَكُمْ.
ثُمَّ قال: إنَّ القُرآنَ نزلَ مِنْهُ آيٌ قد مضى تَأويلهُنَّ قَبْلَ أن يَنْزِلْن، ومِنْهُ آي: وقعَ تَأويلُهُنَّ على عَهْد رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ومِنْهُ آيٌ: وقعَ تَأوِيلُهُنَّ بَعْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِيَسِيرٍ، ومنه آي: وقعَ تأويلهن في آخِرِ الزَّمَانِ، ومنه آي: وقعَ تَأويلُهُنَّ يوم القيامة، وهو ما ذُكِرَ من الحِسَابِ والجَنَّةِ والنَّارِ، فما دَامَتْ قلوبُكُمْ وأهْوَاؤكُمْ وَاحِدَةٌ، ولم تلْبسُوا شِيَعاً، ولم يَذُقْ بَعْضُكم بأسَ بَعْض، فأمُرُوا وانْهَوْا، فإن اخْتَلَفت القُلُوبُ والأهْوَاء وألْبِسْتُم شيعاً، وذاقَ بَعْضُكم بأسَ بعض، فامرؤ ونفسهُ، فعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَنَا تَأوِيلُ هذه الآيَة.
قال ابنُ الخَطيبِ: وهذا التَّأويلُ عندي ضَعِيفٌ؛ لأنَّ الآيَةَ خِطَابٌ عامٌّ لِلْحَاضِرِ والغَائِبِ، فكيف يُخرجُ الحَاضِر، ويُخَصُّ الغَائِب. ورَوى أبُو أمَيَّة الشَّعبانِيِّ قال:
"أتَيْتُ أبا ثَعْلَبَة، فقُلْتُ: كيف نَصْنَعُ في هذه الآية؟ فقال: أيُّ آيةٍ؟ قلت: قَوْلُ الله - عزَّ وجلَّ -: { عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }، فقال: أمَا واللَّهِ لَقَدْ سألْتَ عنها خَبِيراً، سألتُ عَنْهَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بَلْ ائتَمِرُوا بالمَعْرُوفِ وتَنَاهوا عن المُنْكَرِ، حتَّى إذَا رَأيْتَ شُحَّاً مُطَاعاً وهَوًى مُتَّبَعاً، ودُنْيا مُؤثرة، وإعْجَاب كُلِّ ذِي رأيٍ برأيِهِ، ورَأيتَ أمْراً لا بُدَّ لَكَ مِنْهُ، فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ ودَعْ أمْرَ العَوَامِّ، وإنَّ وراءَكُم أيام الصَّبر، فَمَنْ صَبَرَ فيْهنَّ قبض على الجَمْر للعامل فيهنَّ مِثْلُ أجر خَمْسِين رجلاً يعملون مثله"
، قال ابن المبارك: وزادني غيره، قالوا: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: أجرُ خمسين منكم.
فإن قيل: ظَاهِرُ الآيةِ يُوهِمُ أنَّ الأمر بالمَعْرُوفِ، والنَّهْي عن المُنْكَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
فالجَوَابُ من وُجُوهٍ:
أحدها: أنَّ الآيَةَ لا تَدُلُّ على ذلك، بل تَدلُّ على أنَّ المُطِيعَ لا يُؤاخَذُ بِذُنُوبِ العَاصِي، وأمَّا وُجُوب الأمْرِ بالمَعْرُوفِ، فَثَبت بما تقدَّم من الدَّلائلِ وغَيْرِها.
وثانيها: أنَّ الآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بالكُفَّار المُصرِّين على الكُفْرِ، ولا يَتْرُكُون الكُفْر بسببِ الأمْر بالمَعْرُوفِ، فَهَهُنَا يَجِبُ على الإنْسَانِ مُخَالَفَةُ الأمْرِ بالمَعْرُوفِ.
وثالثها: أنَّ الآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذا خَافَ الإنْسَانُ عند الأمْرِ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ على نَفْسِهِ وعِرضه وماله.
ورابعها: المعنى: لا يَضُرُّكُمْ إذا اهْتَدَيْتُم، فأمَرْتُمْ بالمَعْرُوف ونَهَيْتُم عَنِ المُنْكَر ضلالُ مَنْ ضَلَّ، فَلَمْ يقبَل ذَلِكَ.
وخامسها: أنَّه تعالى قال لرسوله عليه الصلاة والسلام:
{
{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ }
[النساء: 84]، وذَلِكَ لم يَدُلَّ على سُقُوطِ الأمْرِ بالمَعْرُوف عن الرَّسُولِ، فَكَذَا هَاهُنَا.
ثم قال تعالى: { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً }، أي: الضَّال والمُهْتَدِي { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي يُجَازيكُمْ بأعمالِكُمْ.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة