مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
١١١
-الأنعام
أضف للمقارنة
اللباب في علوم الكتاب
اعلم: أنه - تبارك وتعالى - بيَّن في هذه الآية الكَرِيمة تَفْصِيل ما ذَكَره مُجْمَلاً في قوله:
{
{ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
[الأنعام:109] بيَّن أنَّه - تعالى - لو أعْطَاهُم ما طَلَبُوه من إنْزَال المَلائِكة حتَّى رأوهم عَيَاناً، وإحياء المَوْتَى حَتَّى كلَّمُوهُم، وشَهِدُوا لك بالنُّبُوَّة كَمَا سَألُوا، بل زَاد في ذَلِك ما لا يَبْلُغُه اقْتِرَاحُهم بأن يحشر عَلَيْهم كُلَّ شَيءْ قُبُلاً، ما كانوا لِيُؤمِنُوا إلاَّ أنْ يَشَاء اللَّه.
قال ابن عبَّاسٍ: المُسْتَهْزِئون بالقُرآن العَظِيم كانوا خَمْسَة: الوَليد بن المُغْيرَة المَخْزُومي، والعَاص بن وَائِل السَّهْمِي، والأسْوَد بن عَبْد يَغُوث الزُّهرِي، والأسْوَد بن المُطَّلِب، والحَارث بن حَنْظَلة، ثُمَّ إنَّهم أتَوا لرِسَول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورَهْط من أهْل مكَّة المُشَرَّفة، وقالُوا: أرنَا المَلائكة يَشْهَدُوا بأنَّك رسُول اللَّه، أو ابعث لَنَا بَعَضَ مَوْتَانَا حتَّى نَسْألهم أحَقٌّ ما تقُولُه أمْ باطل، أو ائْتِنَا باللَّه والملائكة قِبِيلاً، أي: كَفيلاً بما تدَّعِيه، فَنَزَلت هَذِه الآية الكَرِيمة.
وهذا يُشْكَل باتِّفَاقهم على أنَّ هذه السُّورة نزلت دَفْعَة وَاحِدة، بل الَّذِي يَنْبَغِي أن يَكُون المَقْصُود منه: جواب ما ذَكَرَهُ بَعْضُهم، وهو أنَّهُم أقسموا باللَّه جَهْد أيْمَانهم، لَوْ جاءتهم آيَةٌ ليُؤمِنُنّ بها، فذكر اللَّه - تبارك وتعالى - هذا الكلام بياناً لِكَونِهم كَاذِبِين، وأنَّه لا فَائِدة في إنْزالِ الآيَات، وإظْهار المُعْجِزَات بعد المُعْجِزَات، بل المُعْجِزة الوَاحِدة لا بُد منها لِيتَمَيَّز الصَّادق عن الكَاذِب، فأمَّا الزيادة عليها، فتحكم مَحْض لا حَاجَة إليْه، وإلاَّ فَلَهُم أن يَطْلُبوا بعد ظُهُور المُعْجِزة الثَّانية ثالثة، وبعد الثَّالثة رَابِعة، ويَلْزم منه ألاَّ تَسْتَقِرَّ الحجة، وأن لا يَنْتَهِي الأمْر إلى مقطع ومفصل، وذلك يُوجِب سَدَّ باب النُّبُوات.
قوله: "قُبُلاً" قرأ نَافِع، وابْن عَامِر: "قِبَلاً" هنا وفي الكَهْف بكسر القَافِ، وفَتْح البَاء، والكوفِيُّون هنا وفي الكَهْف، وقرأ الحسن البَصْرِي، وأبُو حَيْوة، وأبُو رَجَاء بالضَّمِّ والسُّكُون.
وقرأ أبَيّ والأعْمَش "قَبِيلاً" بياء مُثَنَّاة من تَحْت بعد بَاءٍ موحَّدة مَكْسُورة، وقرأ طَلْحَة بن مُصَرِّف: "قَبْلاً" بفتح القَافِ وسُكون البَاء.
فأما قِرَاءة نَافِع، وابن عَامِر ففيها وجهان:
أحدهما: أنَّها مُقَابَلَة، أي: مُعَايَنَةً ومُشَاهَدَةً، وانتِصَابُه على هذا الحَالِ قاله أبو عُبَيْدة، والفرَّاء، والزَّجَّاج ونقله الوَاحِدِي أيضاً عن جَمِيع أهْل اللُّغة، يُقَال: "لَقِيته قِبَلاً" أي عِيَاناً.
وقال ابن الأنْبَاري:
"قال أبُو ذَرّ: قُلْت للنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أنبيّاً كان آدم؟ فقال: نعم، كان نبيّاً كلَّمه الله قبلاً "
وبذلك فسًّرها ابن عبَّاس، وقتادة، وابن زَيْد، ولم يَحْكِ الزَّمَخْشَرِي غَيْره، فهو مَصْدر في مَوْضَع الحَال كما تقدَّم.
والثاني: أنَّها بمعنى نَاحِية وجِهَة قاله المُبَرِّد، وجماعة من أهل اللُّغَة كأبي زَيْد، وانتصابه حينئذٍ على الظَّرْف، كقولهم: "لي قِبَلُ فلان دَيْنُ" و "ما قِبَلك حَقُّ" ويقال: "لقِيْتُ فلاناً قِبَلا، ومُقابلة، وقُبُلاً، وقُبَلاً وقَبْلِياً، وقَبِيلاً" كله بِمَعْنَى واحد، ذكر ذلك أبُو زيد، وأتْبَعه بِكَلام طويل مُفيد فرحمه الله - تعالى - وجزاه اللَّه خيراً.
وأمَّا قِرَاءة البَاقِين هُنَا ففيها أوْجُه:
أحدهما: أن يكون "قُبُلاً" جمع قَبِيل، بمعنى: كَفِيل؛ "كرغيف" و "رُغُف"، و "قضيب" و "قُضُب" و "نَصِيب" و "نُصُب".
وانْتَصَابه حالاً.
قال الفرَّاء والزَّجَّاج: جَمْع قِبِيل بمعْنَى: كفيل أي: كَفِيلاً بِصِدْق محمد - عليه الصَّلاة والسَّلام -، ويقال: قَبَلْتُ الرِّجل أقْبَلُه قَبالة بفَتْح البَاء في الماضي والقاف في المَصْدَر، أي: تكفَّلْت به، والقَبِيل، والكَفِيل، والزَّعِيم، والأذِين والضّمِين، والحَمِيل، وبمعنى وَاحِد.
وإنما سُمِّيت الكَفَالة قَبَالة؛ لأنَّها أوْكَد تَقَبُّل، وباعْتِبَار معنى الكَفَالة سُمِّي العَهْد المَكْتوب: قَبالة.
وقال الفرَّاء في سُورة الأنعام: "قُبُلاً" جَمْع "قَبِيل" وهو "الكَفِيل" قال: وإنَّما اخْتَرت هنا أن يكُون القُبُل في المعنى الكفالة؛ لقولهم:
{
{ أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً }
[الإسراء:92] يَضْمَنُون ذلك.
الثاني: أن يَكُون جَمْع قِبِيل، بِمَعْنى: جماعةً جماعةً، أو صنْفاً صنفاً.
والمعنى: "وحَشَرْنا عَلَيْهم كلَّ فوْجاً فوْجاً، ونوْعاً نوْعاً من سَائِر المَخْلُوقات".
الثالث: أن يكون "قُبُلاً" بِمَعْنى: قِبَلاً كالقِرَاءة الأولَى في أحد وجْهَيْهَا وهو المُواجَهة أي: مُواجَهَةً ومُعَايَنةً، ومنه "آتِيكَ قُبُلاً لا دُبُراً" اي: آتِيك من قِبَل وَجْهِك، وقال تعالى:
{
{ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ }
[يوسف:26] وقُرئ: "لقبل عدتهن" [الطلاق:41]، أي: لاسْتِقْبَالها، وقال الفرَّاء: "وقد يكون قُبُلاً: من قِبَل وُجُوهِهِم".
وأمَّا الذي في سُورة الكَهْف: فإنه يَصِحُّ فيه مَعْنى المُواجهة، والمُعَاينة، والجماعة صنْفاً صنْفاً، لأن المُراد بالعَذَاب: الجِنْس، وسَيَأتي له مَزِيد بَيَان. و"قُبُلاً" نَصْب على الحَالِ - كما مَرَّ - من "كلَّ"، وإن كان نكرة؛ لِعُمُومه، وإضافته, وتقدَّم أنَّه في أحد أوْجُهِهِ يُنْصَبُ على الظَّرف عند المُبَرِّد.
وأمّا قراءة الحسن فمخفَّفَة من المَضْمُوم، وقرأه أبَيُّ بالأصْل وهو المُفْرَدِ.
وأما قراءة طَلْحَة فهو ظَرْف مَقْطُوع عن الإضَافة، مَعْنَاه: أو يَأتِيَ باللَّه والملائِكَة قَبْلَه، ولكن كَانَ يَنْبَغِي أن يُبْنَى؛ لأن الإضافة مُرادَة.
قوله: "مَا كَانُوا" جواب "لَوْ" وقد تقدَّم أنَّه إذا كَانَ مَنْفيّاً، امتَنَعت اللاَّم.
وقال الحُوفِي: "التَّقْدِير لما كَانُوا حُذِفَت اللاَّم وهي مُرَادة" وهذا لَيْس بجيَّد؛ لأن الجواب المَنْفِي بـ "مَا" يَقِلُّ دُخُولها، بل لا يَجُوز عند بَعْضِهم، والمَنْفِي بـ "لم" مُمْتَنِع ألْبَتَّة.
وهذه اللاَّم لام الجُحُود جارَّة للمصْدَر المؤوّل من "أنْ" والمنْصُوب بِهَا، وقد تقدَّم تَحْقِيقه - بعون الله تعالى -.
قوله: { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } يجُوز أن يكُون مُتَّصِلاً، أي: ما كانُوا لِيُؤمِنُوا في سَائرِ الأحْوال إلاَّ في حَالِ مَشِيئة اللَّه، أو في سَائرِ الأزْمَان إلا في زَمَان مَشِيئَتِه.
وقيل: إنه اسْتِثْنَاء من عِلَّة عامَّة، أي: "ما كانوا لِيُؤمِنُوا لِشَيء من الأشْيَاء إلاَّ لمشيئة الله تعالى".
والثاني: أن يكُون مُنْقَطعاً، نقل ذلك الحُوفِيُّ وأبُو البَقَاء، واسْتَبْعَده أبو حيَّان.
فصل في معنى الآية ودحض شبهة المعتزلة
معنى الآية الكَريمة: أنه - تعالى - لو أظْهَر جميع تِلْك الأشْيَاء العَجِيبَة لِهَؤلاء الكُفَّار؛ فإنَّهم لا يُؤمِنُون إلا أن يَشَاء اللَّه إيمانهم.
قال أهْل السُّنَّة: فلمَّا لَمْ يُؤمنوا دّلَّ على أنَّه - تعالى - ما شَاء مِنْهُم الإيمان، وهذا نَصُّ في المسْألة.
قالت المُعْتَزِلة: دل الدَّليل على أنَّه - تبارك وتعالى - أراد الإيمان من جَميع الكُفَّار، وذكر الجُبَّائِيُّ الوُجُوه المَذْكُورة المَشْهُورة.
أولها: أنَّه - تبارك وتعالى - لو لم يُرِد منهم الإيمان، لما أمَرَهُم، ولم يَجِبْ عليهم.
وثانيها: لو أراد الكُفْر من الكَافِر، لكان الكَافِر مُطِيعاً لله تعالى بِفِعْل الكُفْر، لجاز أن يأمُرَ بِهِ.
وثالثها: لو جاز من الله أن يريد منهم الكُفْرَ، لجاز أن يأمر به.
رابعها: لو جاز أن يريد منهم الكفر لجاز أنه يأمرنا بأن نريد منهم الكفر. قالوا: فثبت بهذه الدلائل أنه تعالى ما شاء إلاَّ الإيمان منهم وظاهر هذه الآية يقتضي أنه تعالى ما شاء الإيمان منهم والتناقض بين الدلائل مُمْتَنِع، فوجب الجَمع، وطَريقُه أن نقُول: إنه - تبارك وتعالى - شَاء من الكُلِّ الإيمان الذي يَفْعَلُونه على سَبيل الاخْتيار، وأنَّه - تعالى - ما شاء منهم الإيمان على سبيل الإلجَاء والقَهْر، وبهذا الطَّريق زال الإشْكَال، وهذا كلامٌ ضعيفٌ من وُجُوه:
الأول: أن الإيمان الَّذِي سمَّوْه بالإيمان الاخْتِيَاري إن عَنُوْا به أنَّ قُدْرَته صَالِحَة إلى الإيمان والكُفْر على السَّويَّة، ثمَّ إنه يَصْدر عَنْها الإيمان دُون الكُفْر لا لداعية مُرَجَّحَة، ولإرادة مُمَيِّزة، فَهَذَا قَوْل برجْحَان أحَد طَرَفي المُمْكن على الآخر، لا لِمُرَجِّح وهو مُحَال، وأيضاً: فبتقدير أنْ يَكُون ذلك مَعْقُولاً في الجُمْلَة، إلاَّ أنَّ حُصُول ذَلِك الإيمان لا يَكُون منه، بل يَكُون حَادِثاً لا لِسَبَب ولا مُؤثِّر أصْلاً؛ لأن الحَاصِل هَنَا لي إلاَّ القُدْرَة، وهي بالنِّسْبَة إلى الضِّدَّيْن على السَّويَّة، ولم يَصْدر من هَذَا القدر تَخْصِيص لأحد الطَّرَفَيْن على الآخر بالوُقُوع والرُّجْحَانِ، ثم إنّ أحد الطَّرفين قد حصل بنفْسِه، فهذا لا يَكُون صَادراً منه، بل يكون صادراً لا عن سَبَب ألْبَتَّةَ، وذلك يُبْطِل القَوْل بالفِعْل، والفَاعِل، والتَّأثِير والمؤثِّر أصْلاً، وذلك لا يَقْوله عَاقِل، وأمَّا إنْ كان هذا الذي سَمَّوه بالإيمان الاخْتِيَاري، هو أنَّ قُدْرَته وإن كانت صَالِحة للضِّدَّين، إلاَّ أنَّه لا تَصِير مَصْدراً للإيمان، إلاَّ إذا انْضَمَّ إلى تِلْك القُدْرَة حُصُول داعِيَة الإيمان، فهذا قَوْلٌ بأن مَصْدر الإيمان هو مَجْمُوع القُدْرَة مع الدَّاعي، وذلك المَجْمُوع مُوجبٌ للإيمان, فهذا عَيْن ما يُسَمُّونه بالجَبْر, وأنْتُم تُنْكِرُونه, فثبت أنَّ هذا الَّدِي سَمَّوه بالإيمان الاخْتِيَاريِّ لم يَحْصُل منه مَعْنى مَعْقُول مفهوم، وهذا كلام في غاية القُوَّة.
الوجه الثاني: سلَّمنا أن الإيمان الاخْتِيَاري متميِّزٌ عن الإيمان الحَاصِل بتَكْوِين اللَّه - تعالى -، إلاَّ أنا نَقُول قوله - تعالى -: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَة } وكذا { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤا } مَعْنَاه: ما كانوا لِيُؤمِنُوا إيماناً اخْتِيَاريّاً، بدلِيل أنَّ عند ظُهُور هذه الأشْيَاء لا يَبْعُد أن يُؤمِنُوا إيماناً على سَبِيل الإلْجَاء والقَهْر، فَثَبت أن قوله: { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤا } على سَبِيل الاخْتِيَار، ثُمَّ استَثْنَى عَنْه، وقال: { إلاَّ أَن يَشَاءَ ٱللَّه } والمُسْتَثْنَى يَجِبُ أن يَكُون من جِنْس المُسْتَثْنى مِنْه، والإيمان الحَاصِل بالإلْجَاء والقَهْر ليس من جِنْس الإيمان الاخْتِيَاريّ، فَثبت أنَّه لا يجُوز أنْ يَكُون المُرَاد منه الإيمان الاخْتِيَاري؛ وحينئذٍ يتوجَّه دَلِيل أهل السُّنَّة، وتَسْقُط أقوال المُعْتَزلَة.
فصل ف دحض شبهة المعتزلة
قال الجُبَّائي: قوله - تبارك وتعالى -: { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } يدلُّ على حُدُوث المَشِيئَة؛ لأنَّها لو كَانَت قَدِيمَة لَمْ يَجُز أنْ يُقَال ذَلِك، كما لا يُقَال: لا يَذْهب زَيْد إلى البَصْرة، إلاَّ أن يُوَحِّد الله، وتَقْرِيره: أنَّا قُلْنَا لا يَكُون كذا إلاَّ أنْ يَشَاء اللَّه، فهذا يَقْتَضِي تَعْلِيق حُدُوث هذا الجَزَاء على حُصُول المَشيئة, فلو كَانَت المَشِيئَة قَدِيمة, لكان الشَّرْط قَدِيماً, ويَلْزَم من حُصُول الشَّرْط, حُصُول المَشْرُوط، فَيَلْزَم كَوْن الجَزَاءِ قَدِيماً، والحس على أنَّه مَحْدَث، فوجب كَوْن الشَّرْط حَادِثاً، وإذا كان الشَّرْط هو المَشِيئَة لَزِم القَوْل بكون المَشِيئَة حَادِثَة.
والجواب أنَّ المَشِيئة وإن كانت قَدِيمة، إلاَّ أنَّ تعلُّقَهَا بإحْدَاث ذَلِك المُحْدث في الحالِ، إضاَفة حَادِثَة وهذا القَدْر يَكْفي لِصِحَّة هذا الكلام. ثمَّ قال - تعالى -: { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } أي: يَجْهَلُون بأنّ الكُلَّ من قَضَاء اللَّه وبِقَضَائه وقدره.
وقالت المعتزلة: المُرَاد: أنَّهم جَهِلوا أنهم يبقون كُفَّاراً عِنْد ظُهُور الآيات الَّتِي طلبوها، والمعجزات التي اقْتَرَحُوها وكان أكْثَرهُم يَظُنُّون ذلك.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2025 © جميع الحقوق محفوظة