خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٢٢
-الأنعام

اللباب في علوم الكتاب

قوله تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ }
فيه خمسة أوجه:
أحدهما: أنه منصوبٌ بفعل مُضْمَرٍ بعده، وهو على ظرفيَّتِهِ، أي: يوم نحشرهم كان كيت وكيت، وحُذِف ليكون أبْلَغَ في التَّخْويفِ.
والثاني: أنه معطوفٌ على ظرفٍ محذُوفٍ، ذلك الظرف معمول لقوله:
{ { لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } [الأنعام:21] والتقدير: أنه لا يفلح الظَّالمونَ اليوم في الدنيا، ويوم نحشرهم، قاله محمد ابن جَريرٍ.
الثالث: أنه منصوبٌ بقوله:
{ { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ } [الأنعام:24] وفيه بُعْدٌ لِبُعْدِهِ من عامله بكثرة الفواصِلِ.
الرابع: أنه مفعولٌ به بـ "اذكر" مقدَّراً.
الخامس: أنه مفعولٌ به أيضاً، ونَاصِبُهُ: احذروا أو اتَّقُوا يوم نحشرهم، كقوله:
{ { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً } [لقمان:33] وهو كالذي قبله فلا يُعَدُّ خامساً.
وقرأ الجمهور "نَحْشرهم" بنون العظمة، وكذا "ثم نقول"، وقرأ حميد، ويعقوب بياء الغَيْبَةِ فيهما، وهو أنه تبارك وتعالى.
والجمهورعلى ضم الشين من "نَحْشُرهم"، وأبو هريرة بكسرها، وهما لغتان في المُضَارع.
والضمير المنصوب في "نحشرهم" يعود على المفترين الكَذِبَ.
وقيل: على النَّاس كلهم، فيندرج هؤلاء فيهم، والتَّوْبيخُ مختصُّ بهم.
وقيل: يعود على المشركين وأصنَامِهِمْ، ويدلُّ عليه قوله:
{ { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [الصافات:22].
و"جَمِيعاً" حالٌ من مفعول "نحشُرهم"، ويجوز أن يكون توكيداً عند من أثْبَتَهُ من النحويين كـ "أجمعين".
وعطف هنا بـ "ثُمَّ" للتراخي الحاصل بين الحَشْر والقَوْلِ.
ومفعولا "تزعمون" محذوفان للعلم بهما، أي: تزعمونهم شركاء، أو تزعمون أنهما شُفَعَاؤكم.
وقوله: "ثُمَّ نَقُولُ للَّذينَ" إن جعلنا الضمير في "نَحْشُرهم" عائداً على المفترين الكذبَ، كان ذلك من باب إقامةِ الظَّاهرِ مقامَ المُضْمَرِ، إذ الأصل: ثم نقول لهم، وإنما أظْهِرَ تنبيهاً على قُبْحِ الشرك.
وقوله: { أيْنَ شُرَكاؤكُمْ }؟ سؤالُ تَقْريعٍ وتوبيخٍ وتَبْكيتٍ.
قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: "كُلُّ زَعْمِ في كتاب الله فالمُرادُ به الكذبُ".