"من آية" فاعل زيدت فيه "مِنْ" لوُجُودِ الشرطين، فلا تَعَلُّقَ لها.
و"من آيات" صفة لـ "آية"، فهي في مَحَلِّ جرٍ على اللَّفْظِ، أو رفعٍ على الموضع.
وقال الوَاحِدِيِّ: "مِنْ" في قوله:"مِنْ آية" صفةٌ لـ "آية" أي: آية لاستغراق الجنْسِ الذي يقع في النَّفْيِِ، كقولك: ما أتاني من أحدٍ".
والثانية: في قوله: "من آياتِ رَبِّهِم" للتبعيض.
والمعنى: وما يظهر لهم دَلِيلٌ قط من الدَّلائِل التي يجب فيها النَّظَرُ والاعتبار، إلاَّ كانوا عنها مُعْرِضينَ، والمُرادُ بهم أهل "مكة"، والمرادُ بالآيات: إنْشِقاقُ القمر وغيره.
وقال عطاء: يريد: من آيات القرآن.
قوله: "إلاَّ كَانُوا" هذه الجملة الكَوْنِيَّةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحال، وفي صاحبها وجهان:
أحدهما أنَّهُ الضميرُ في "تأتيهم".
والثاني: أنَّهُ "مِنْ آيةٍ" وذلك لتخصيصها بالوَصْفِ.
و"تأتيهم" يحتمل أن يكون ماضي المعنى لقوله: "كَانُوا"، ويحتمل أنْ يكون مُسْتَقْبَلَ المعنى؛ لقوله "تَأتيهِمْ".
واعلم أنَّ الفعْلَ الماضي لا يَقَعُ بَعْدَ "إلاَّ" بأحد شَرْطَيْنِ: إمَّا وقوعه بَعْدَ فِعْلٍ كهذه الآية، أو يقترن بـ "قد" نحو: "ما زيدٌ إلاَّ قد قام" وهنا الْتِفَاتٌ من خطابه بقوله "خلقكم"
إلى آخره إلى الغيبةِ بقوله: "وَمَا تَأتِيهم".