نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
ولما كانت هذه الدعوى بأمر مستغرب يكاد أن لا يسمعه أحد إلا أنكره ساق الكلام مؤكداً فقال: { إن هذا } يشير إلى شخص من الداخلين، ثم أبدل منه قوله: { أخي } أي في الدين والصحبة، ثم أخبر عنه بقوله: { له تسع وتسعون نعجة } ويجوز أن يكون { أخي } هو الخبر والتأكيد حينئذ لأجل استبعاد مخاصمة الأخ وعدوانه على أخيه ويكون ما بعده استئنافاً { ولي } أي أنا أيها المدعي { نعجة } ولما كان ذلك محتملاً لأن يكون جنساً أكده بقوله: { واحدة } ثم سبب عنه قوله: { فقال } أي الذي له الأكثر: { أكفلنيها } أي أعطنيها لأكون كافلاً لها { وعزني } أي غلبني وقوى عليّ واشتد وأغلظ بي { في الخطاب * } أي الكلام الذي له شأن من جدال وغيره بأن حاورني إلى أن أملّني فسكت عجزاً عن التمادي معه، ولم يقنع مني بشيء دون مراده.
ولما تمت الدعوى، حصل التشوف إلى الجواب فاستؤنف قوله: { قال } أي على تقدير صحة ما قلت، وذلك أنه لما رأى الخصم قد سكت ولم ينكر مما قال المدعي شيئاً، وربما أظهر هيئة تدل على تصديقه قال ذلك فعوتب وإن كان له مخرج، كل ذلك تدريباً على التثبت في القضاء وأن لا ينحي نحو القرآئن، وأن لا يقنع فيه إلا بمثل الشمس، وأكد قوله في سياق القسم ردعاً للظالم على تقدير صحة الدعوى بالمبالغة في إنكار فعله لأن حال من فعل شيئاً مؤذن بإنكار كونه ظالماً وكون فعله ظلماً. مفتتحاً لقوله بحرف التوقع لاقتضاء حال الدعوى له: { لقد ظلمك } أي والله قد أوقع ما فعله معك في غير موقعه على تقدير صحة دعواك { بسؤال نعجتك } أي بأن سألك أن يضمها، وأفاد أن ذلك على وجه الاختصاص بقوله: { إلى نعاجه } بنفسه أو بغيره نيابة عنه ولذا لم يقل: بسؤاله, ثم عطف على ذلك أمراً كلياً جامعاً لهم ولغيرهم واعظاً ومرغباً ومرهباً, ولما كانت الخلطة موجبة لظن الألفة لوجود العدل والنصفة واستبعاد وجود البغي معها، أكد قوله واعظاً للباغي إن كان وملوحاً بالإغضاء والصلح للمظلوم: { وإن كثيراً من الخلطاء } أي مطلقاً منكم ومن غيركم { ليبغي } أي يتعدى ويستطيل { بعضهم } عالياً { على بعض } فيريدون غير الحق { إلا الذين آمنوا } من الخلطاء { وعملوا } أي تصديقاً لما ادعوه من الإيمان { الصالحات } أي كلها فإنهم لا يقع منهم بغي { وقليل } وأكد قلتهم وعجب منها بما أبهم في قوله: { ما } مثل نعماً ولأمرها { هم } وأخر هذا المبتدأ وقدم الخبر اهتماماً به لأن المراد التعريف بشدة الأسف على أن العدل في غاية القلة، أي فتأس بهم أيها المدعي وكن منهم أيها المدعى عليه.
ولما أتم ذلك ذهب الداخلون عليه فلم ير منهم أحداً فوقع في نفسه أنه لا خصومة، وأنهم إنما أرادوا أن يجربوه في الحكم ويدربوه عليه، وأنه يجوز للشخص أن يقول ما لم يقع إذا انبنى عليه فائدة عظيمة تعين ذلك الكلام طريقاً للوصول إليها أو كان أحسن الطرق مع خلو الأمر عن فساد، وحاصله أنه تذكر كلام، والمراد به بعض لوازمه، فهو مثل دلالة التضمن في المفردات، وهذا مثل قول سليمان عليه السلام "ائتوني بالسكين أشقه بينهما" وليس مراده إلا ما يلزم عن ذلك من معرفة الصادقة والكاذبة بإباء الأم لذلك وتسليم المدعية كذباً، وتحقيقه أنه لا ملازمة بين الكلام وإرادة المعنى المطابقي لمفردات ألفاظه بدليل لغو اليمين، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لصفية رضي الله عنها "عقرى حلقى" ولأم سلمة رضي الله عنها "تربت يمينك" وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد" مشير إلى أن الكلام قد لا يراد به معناه، ومن هنا كان الحكم في ألفاظ الكنايات أنه لا يقع بها شيء إلا إن اقترن بقصد المعنى، ولما كان هذا القدر معلوماً عطف عليه قوله: { وظن داود } أي بذهابهم قبل فصل الأمر وقد دهمه من ذلك أمر عظيم من عظمة الله لا عهد له بمثله { أنما فتناه } أي اختبرناه بهذه الحكومة في الأحكام التي يلزم الملوك مثلها ليتبين أمرهم فيها. وعلم أنه بادر إلى نسبة المدعى عليه إلى أنه ظلم من قبل أن يسمع كلامه ويسأله المدعي الحكم، فعاتبه الله على ذلك، والأنبياء عليهم السلام لعلو مقاماتهم يعاتبون على مثل هذا، وهو من قصر الموصوف على الصفة قلباً، أي هذه القصة مقصورة على الفتنة لا تعلق لها بالخصوصة، ولو كان المراد ما قيل من قصة المرأة التي على كل مسلم تنزيهه وسائر إخوانه عليهم السلام عن مثلها لقيل "وعلم داود" ولم يقل: وظن - كما يشهد بذلك كل من له أدنى ذوق في المحاورات - والله الموفق، وقال الزمخشري: وعن سعيد بن المسيب والحارث الأعور أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين، وهو حد الفرية على الأنبياء عليهم السلام، وروي أنه حدث بذلك عمر بن عبد العزيز، وعنده رجل من أهل الحق، فكذب المحدث به وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله عز وجل فما ينبغي أن يلتمس خلافها، وأعظم بأن يقال غير ذلك، وإن كانت على ما ذكرت وكف الله عنها ستراً على نبيه صلى الله عليه وسلم فما ينبغي إظهارها عليه، فقال عمر بن عبد العزيز: لسماعي هذا الكلام أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس. وتلك القصة وأمثالها من كذب اليهود، وأخبرني بعض من أسلم منهم أنهم يتعمدون ذلك في حق داود عليه السلام لأن عيسى عليه السلام من ذريته ليجدوا السبيل إلى الطعن فيه.
ولما ظن هذا، سبب له تحقيق ما وصفه الله من الأوبة فعبر عن ذلك بقوله: { فاستغفر } ولما استغرقته العظمة التي هذا مخرها، رجع إلى ذكر الإحسان واللطف فقال: { ربه } أي طلب الغفران من مولاه الذي أحسن إليه بإحلاله ذلك المحل العظيم من أن يعود للحكم للأول بدون أن يسمع الآخر { وخر } أي سقط من قيامه توبة لربه عن ذلك، ولما كان الخرور قد يكون لغير العبادة قال: { راكعاً } أي ساجداً لأن الخرور لا يكون إلا للسقوط على الأرض، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فسره بالسجود فيما روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في "ص" وقال: " سجدها داود توبة ونسجدها شكراً" . وعبر بالركوع عن السجود ليفهم أنه كان عن قيام وأنه في غاية السرعة لقوة الاهتمام به وتوفر الداعي إليه بحيث إنه وصل إلى السجود في مقدار ما يصل غيره إلى الركوع، قال ابن التياني في كتابه الموعب: وكل شيء يكب لوجهه فتمس ركبته الأرض بعد أن يطأطىء رأسه فهو راكع. ابن دريد: الراكع الذي يكبو على وجهه - انتهى. والركعة - بالضم: الهوة من الأرض، كأنها سميت بذلك لأنها تسقط فيها على الوجه، وكأنها هي أصل المادة، وقال في القاموس: ركع أي صلى، فحينئذ يكون المعنى: سقط مصلياً، ومعلوم أن صلاتهم لا ركوع فيها وقد تقدم ذلك في آل عمران والبقرة { وأناب * } أي تاب أي رجع عن أن يعود لمثلها. ولما كان الحال قد يشكل في الإخبار عن المغفرة لو عبر بضمير الغائب لإيهام أن ربه غير المتكلم، وكان الغفران لا يحسن إلا مع القدرة، عاد إلى مظهر العظمة إثباتاً للكمال ونفياً للنقص: فقال: { فغفرنا } أي بسبب ذلك وفي أثره على عظمتنا وتمام قدرتنا غفراً يناسب مقداره ما لنا من العظمة { له ذلك } أي الوقوع في الحديث عن إسناد الظلم إلى أحد بدون سماع لكلامه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه سبحانه لأجل هذه القصة أن كل من سبه أو دعا عليه وليس أهلاً لذلك أن يكون ذلك له صلاة وبركة ورحمة، والحاصل أن هذه القضية لتدريب النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر على قومه، والثاني فإن هذه السورة على ما روي عن جابر بن زيد من أوائل ما أنزل بمكة، وعلى هذا دل الحديث السابق عن ابن عباس رضي الله عنهما في شكوى المشركين منه صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب الوقوع في آلهتهم فإنه كان في أوائل الأمر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دعاهم لم يؤمر بذكر آلهتهم فلم يجيبوه ولم يبعدوا عن كل البعد، ثم أمره الله بذكر ألهتهم فناكروه حينئذ وباعدوه، وتقدموا ذلك بالشكوى إلى أبي طالب مرة بعد أخرى ليرده عنه، فكانت هذه الدعوى تدريباً لداود عليه السلام في الأحكام، وذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم تدريباً له على الأناة في جميع أموره على الداوم. ولما كان ذكر هذا ربما أوهم شيئاً في مقامه صلى الله عليه وسلم، سيق في أسلوب التأكيد قوله: { وإن له } أي مع الغفران، وعظم ذلك بمظهر العظمة لأن ما ينسب إلى العظيم لا يكون إلا عظيماً فقال: { عندنا } وزاد في إظهار الاهتمام بذلك نفياً لذلك الذي ربما توهم, فأكد قوله: { لزلفى } أي قربة عظيمة ثابتة بعد المغفرة { وحسن مآب * } أي مرجع في كل ما يؤمل من الخير، وفوق ذلك فهذا معلم ولا بد بأن هذه القضية لم يجر إلى ذكرها إلا الترقية في رتب الكمال لا غير ذلك، وأدل دليل على ما ذكرته - أن هذه الفتنة إنما هي بالتدريب في الحكم لا بامرأة ولا غيرها وأن ما ذكروه من قصة المرأة باطل وإن اشتهر, فكم من باطل مشهور ومذكور هو عين الزور - قوله تعالى عقبها على هيئة الاستثمار منها صارفاً القول عن مظهر العظمة إلى المواجهة بلذيذ الخطاب، على نحو ما يجري بين الأحباب { يا داود }.
ولما كان مضمون الخبر لزيادة عظمة مما من شأنه أن تستنكره نفوس البشر، أكده لذلك وإظهاراً لأنه مما يرغب فيه لحسنه وجميل أثره وينشط غاية النشاط لذكره فقال: { إنا } أي على ما لنا من العظمة { جعلناك } فلا تحسب لشيء من أسبابه حساباً ولا تخش له عاقبة { خليفة } أي من قبلنا تنفذ أوامرنا في عبادنا فحكمك حكمنا، وحذف ما يعلم أنه مراد من نحو { قلنا } إشارة إلى أنه استقبل بهذا الكلام الألذ عند فراغه من السجود إعلاماً بصدق ظنه، وقال: { في الأرض } أي كلها إشارة إلى إطلاق أمره في جميعها، فلا جناح عليه فيما فعل في أي بلد أرادها، ولم يذكر المخلوف تعظيماً له بالإشارة إلى أن كل ما جوزه العقل فيه فهو كذلك فهو كان خليفة في بيت المقدس بالفعل على ما اقتضاه صريح الكلام بالتعبير بفي، وأشار الإطلاق والتعبير بآل إلى أنها الأرض الكاملة لانبساط الحق منها بإبراهيم عليه السلام وذريته على سائر الأرض وهو خليفة في جميع الأرض بالقوة بمعنى أنه مهما حكم فيها صح، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل إلى قومه خاصة فيكون ما يؤديه إليه واجباً عليه، وأما بقية الناس فأمره معهم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهما فعله منه صح ومضى، ثم كان خليفة في جميع الأرض حقيقة بالفعل بابنه سليمان عليه السلام فاستوفى الإطلاق { وآل } المكملة أقصى ما يراد منه، إعلاماً بأن كلام القدير كله كذلك وإن لم يظهر في الحالة الراهنة، وذلك كما أن المنزل عليه هذا الذكر وبسببه محمد صلى الله عليه وسلم كان خليفة بالفعل في أرض العرب التي هي الأرض كلها, لأن الأرض دحيت منها, وبيتها لأول بيت وضع للناس, وهو قيام لهم، ومن انبسط القيام بالنور والعدل على جميع الأرض وفي جميع الأرض بالقوة بمعنى أنه مهما حكم به فيها مضى، فقد أعطى تميماً الداري رضي الله عنه أرض بلد الخليل من بلاد الشام قبل أن يفتح وصح ونفذ، وأعطى شويلاً رضي الله عنه بنت بقيلة من أهل الحيرة وصح ذلك ونفذ وقبض كل منهما عند الفتح ما أعطاه صلى الله عليه وسلم الذي هو من ذرية داود عليه السلام ثم في جميع الوجود يوم القيامة يوم الشفاعة العظمى يوم يكون الأنبياء كلهم تحت لوائه، ويغبطه الأولون والاخرون بذلك المقام المحمود.
ولما تمت النعمة، سبب عنها قوله: { فاحكم بين الناس } أي الذين يتحاكمون إليك من أي قوم كانوا { بالحق } أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع. ولما كان أعدى عدو للإنسان نفسه التي بين جنبيه لما لها من الشهوات، وأعظم جناياته وأقبح خطاياه ما تأثر عنها من غير استناد إلى أمر الله، مشيراً بصيغة الافتعال إلى أنه سبحانه عفا الخطرات، وما بادر الإنسان الرجوع عنه والخلاص منه توبة إلى الله تعالى: { ولا تتبع الهوى } أي ما يهوى بصاحبه فيسقطه من أوج الرضوان إلى حضيض الشيطان، ثم سبب عنه قوله: { فيضلك } أي ذلك الاتباع أو الهوى لأن النفس إذا ضربت على ذلك صار لها خلقاً فغلب صاحبها عن ردها عنه، ولفت القول عن مظهر العظمة إلى الاسم الأعظم الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى تعظيماً لأمر سبيله، وحثاً على لزومه والتشرف بحلوله، فقال: { عن سبيل الله } أي طريقه التي شرعها للوصول إليه بما أنزل من النقل المؤيد بأدلة ما خلق من العقل، ولا يوصل إليه بدونها لأن اتباعه يوجب الانهماك في اللذات الجسمانية، والإهمال لتكميل القوى الروحانية، الموصلة إلى السعادة الأبدية، فإن دواعي البدن والروح متضادتان فبقدر زيادة إحداهما تنقص الأخرى.
ولما كانت النفس نزاعة إلى الهوى، ميالة عن السوى، قال معللاً للنهي مؤكداً لما للنفس من التعللات عند المخالفة بالكرم والمغفرة الدافع للعذاب: { إن الذين يضلون } أي يوجدون الضلال بإهمالهم التقوى الموجب لاتباع الهوى المقتضي لأن يكون متبعه ضالاً { عن سبيل الله } إعادة تفخيماً لأمره وتيمناً بذكره وإيذاناً بأن سبيله مأمور به مطلقاً من غير تقييد بداود عليه السلام ولا غيره فيه { لهم عذاب شديد } أي بسبب ضلالهم.
ولما أمر سبحانه ونهى، وذكر أن السبب في النهي كراهة الضلال وعلم منه أن سبب الضلال الهوى، ذكر سبب هذا السبب فقال معبراً بالنسيان إشارة إلى أنه من شدة ظهوره كما كان محفوظاً فنسي، وفك المصدر لأنه أصرح لأنه لو عبر بالمصدر لأمكن إضافته إلى المفعول، واختيرت { ما } دون { إن } لأن صورتها صورة الموصول الاسمي، وهو أبلغ مما هو حرف صورة ومعنى: { بما نسبوا يوم الحساب } أي عاملوه معاملة المنسي بعضهم بالإنكار وبعضهم بخبث الأعمال، فإنهم لو ذكروه حقيقة لما تابعوا الهوى المقتضي للضلال على أنه مما لا يجهله من له أدنى مسكة من عقل فإنه لا يخطر في عقل عاقل أصلاً أن أقل الناس وأجهلهم يرسل أحداً إلى مزرعة له يعملها، ثم لا يحاسبه عليها فكيف إذا كان حكيماً فكيف إذا كان ملكاً فكيف وهو ملك الملوك، وقال الغزالي في آخر كتاب العلم من الإحياء في الكلام على العقل: ثم لما كان الإيمان مركوزاً في النفوس بالفطرة انقسم الناس إلى من أعرض فنسي، وهم الكفار، وإلى من جال فكره فتذكر، وكان كمن حمل شهادة فنسيها بغفلة ثم تذكرها، ولذلك قال تعالى { لعلهم يتذكرون } { وليتذكر أولوا الألباب } { واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به } [المائدة: 7] { { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } [القمر: 17] وتسمية هذا النمط تذكراً ليس ببعيد، وكأن التذكر ضربان: أحدهما أن يذكر صورة كانت حاضرة الوجود في قلبه، لكن غابت بعد الوجود، والآخر أن يكون عن صورة كانت متضمنة فيه الفطرة، وهذه حقائق ظاهرة لناظر بنور البصيرة ثقيلة على من يستروح إلى السماع والتقليد دون الكشف والعيان - انتهى. وقد علم من هذه القصة وما قبلها أن المعنى: اصبر على ما يقولون الآن، فلننصرك فيما يأتي من الزمان، ولنؤيدنك كما أيدنا داود العظيم الشأن.