خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
٧٣
فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٧٤
ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٧٥
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٦
وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٧٧
-النحل

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{ ‏ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض‏ } ‏ قال‏:‏ هذه الأوثان التي تعبد من دون الله، لا تملك لمن يعبدها رزقاً ولا ضراً ولا نفعاً ولا حياة ولا نشوراً ‏ { ‏فلا تضربوا لله الأمثال‏ }‏ فإنه أحد صمد { { لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد } } ‏[الإخلاص :3‏-4].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏فلا تضربوا لله الأمثال‏ } ‏ يعني اتخاذهم الأصنام‏.‏ يقول‏:‏ لا تجعلوا معي إلهاً غيري، فإنه لا إله غيري‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء‏ }‏ يعني الكافر، إنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله ‏ { ‏ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهرا‏ً } ‏ يعني المؤمن وهو المثل في النفقة‏.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكا‏ً } قال‏:‏ هذا مثل ضربه الله للكافر رزقه الله مالاً فلم يقدم فيه خيراً ولم يعمل فيه بطاعة الله‏.‏ ‏{ ‏ومن رزقناه منا رزقاً حسنا‏ً }‏ قال‏:‏ هو المؤمن أعطاه الله مالاً رزقاً حلالاً، فعمل فيه بطاعة الله، وأخذه بشكر ومعرفة حق الله، فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة‏.‏ قال الله‏:‏ ‏{ ‏هل يستويان مثلا‏ً } ‏ قال‏:‏ لا والله لا يستويان‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏ { ‏ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسنا‏ً } ‏ و ‏{ ‏رجلين أحدهما أبكم‏ } ‏ { ‏ومن يأمر بالعدل‏ }‏ قال‏:‏ كل هذا مثل إله الحق، وما يدعون من دونه الباطل‏.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء‏ }‏ قال‏:‏ يعني بذلك الآلهة التي لا تملك ضراً ولا نفعاً، ولا تقدر على شيء‏.‏ ينفعها ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً قال علانية المؤمن الذي ينفق سراً وجهراً لله‏.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{ ‏ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء‏ } ‏قال الصنم‏.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس قال‏:‏ إن الله ضرب الأمثال على حسب الأعمال، فليس عمل صالح، إلا له المثل الصالح، وليس عمل سوء، إلا له مثل سوء، وقال‏:‏ إن مثل العالم المتفهم، كطريق بين شجر وجبل، فهو مستقيم لا يعوّجه شيء، فذلك مثل العبد المؤمن الذي قرأ القرآن وعمل به‏.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر‏.‏ عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏ { ‏ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء‏ } ‏ في رجل من قريش وعبده، في هشام بن عمر، وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً، وفي عبده أبي الجوزاء الذي كان ينهاه‏.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال‏:‏ ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده‏.‏ وقرأ ‏{ ‏عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء‏ }‏.
وأخرج البيهقي في سننه‏.‏ عن ابن عباس أنه سئل عن المملوك يتصدق بشيء‏؟‏ قال‏:‏ ‏{ ‏ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء‏ } ‏ لا يتصدق بشيء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏ضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم‏ } ‏ إلى آخر الآية‏.‏ يعني بالأبكم الذي ‏ { ‏هو كل على مولاه‏ }‏ الكافر‏.‏ وبقوله‏:‏ ‏ { ‏ومن يأمر بالعدل‏ } ‏ المؤمن‏.‏ وهذا المثل في الأعمال.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر، عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{ ‏وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم‏ }‏ في رجلين أحدهما عثمان بن عفان، ومولى له كافر، وهو أسيد بن أبي العيص، كان يكره الإسلام، وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة، وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏ومن يأمر بالعدل‏ }‏ قال‏:‏ عثمان بن عفان.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في الآية قال‏:‏ هذا مثل ضربه الله للآلهة أيضا‏.‏ أما الأبكم فالصنم، فإنه أبكم لا ينطق ‏ { ‏وهو كل على مولاه‏ } ‏ ينفقون عليه وعلى من يأتيه، ولا ينفق عليهم ولا يرزقهم ‏ { ‏هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل‏ } ‏ وهو الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏أحدهما أبكم‏ } ‏ قال‏:‏ هو الوثن ‏ { ‏هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل‏ } ‏ قال‏:‏ الله‏.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏ { ‏كل‏ } ‏ قال‏:‏ الكل العيال‏.‏ كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول، وجعلوا معه نفراً يمسكونه خشية أن يسقط، فهو عناء وعذاب وعيال عليهم ‏ { ‏هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم‏ }‏ يعني نفسه‏.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ خبر.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏ { ‏وما أمر الساعة إلا كلمح البصر‏ }‏ هو أن يقول‏:‏ كن أو أقرب، فالساعة ‏ { ‏كلمح البصر أو أقرب‏ }.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله‏:‏ ‏ { ‏كلمح البصر‏ }‏ يقول‏:‏ كلمح ببصر العين من السرعة‏.‏ أو ‏ { ‏أقرب‏ } ‏ من ذلك إذا أردنا‏.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏ { ‏وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب‏ }‏ قال‏:‏ هو أقرب، وكل شيء في القرآن أو، فهو هكذا ‏(‏مائة ألف أو يزيدون‏)‏ والله أعلم.