خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً
٢٣
إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً
٢٤
-الكهف

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن المنذرعن مجاهد، أن قريشاً اجتمعت فقالوا‏:‏ ‏"‏يا محمد، قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا، فما هذا الدين الذي جئت به‏؟‏ قال‏:‏ هذا دين جئت به من الرحمن‏.‏ فقالوا‏:‏ إنا لا نعرف الرحمن، إلا رحمن اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - ثم كاتبوا اليهود فقالوا‏:‏ قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي، وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا، ويزعم أن الذي جاء به من الرحمن‏.‏ قلنا‏:‏ لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، وهو أمين لا يخون‏.‏‏.‏ وفيّ لا يغدر‏.‏‏.‏ صدوق لا يكذب، وهو في حسب وثروة من قومه، فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها‏.‏ فاجتمعت يهود فقالوا‏:‏ إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه‏.‏ فكتبوا إلى قريش‏:‏ أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، وعن الروح. فإن يكن الذي أتاكم به من الرحمن، فإن الرحمن هو الله عز وجل، وإن يكن من رحمن اليمامة فينقطع‏.‏ فلما أتى ذلك قريشاً أتى الظفر في أنفسها فقالوا‏:‏ يا محمد، قد رغبت عن ديننا ودين آبائك‏.‏‏.‏‏.‏ فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح‏.‏ قال‏:‏ ائتوني غداً‏.‏ ولم يستثن، فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه، ثم أتاه فقال‏:‏ سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب حتى شق ذلك علي‏ّ.‏ قال‏:‏ ألم ترنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة‏؟‏ - وكان في البيت جرو كلب - ونزلت ‏ { ‏ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا‏ً } ‏ من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد‏؟‏ ونزل ما ذكر من أصحاب الكهف ونزل ‏{ { ويسألونك عن الروح‏.‏‏.‏‏.‏‏ } } ‏[‏الإسراء: 85‏]‏ الآية‏"‏‏.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف على يمين فمضى له أربعون ليلة، فأنزل الله ‏ { ‏ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله‏ }‏ واستثنى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أربعين ليلة‏.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه، عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة، ثم قرأ ‏ { ‏واذكر ربك إذا نسيت‏ }‏ قال‏:‏ إذا ذكرت‏.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن عباس في هذه الآية قال‏:‏ إذا نسيت أن تقول لشيء‏؛‏ إني أفعله، فنسيت أن تقول إن شاء الله، فقل إذا ذكرت‏:‏ إن شاء الله‏.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن أبي العالية في قوله‏:‏ ‏ { ‏واذكر ربك إذا نسيت‏ }‏ قال‏:‏ تستثني إذا ذكرت‏.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني، قال له‏:‏ ثنياه إلى شهر، وقرأ ‏ { ‏واذكر ربك إذا نسيت‏ }‏‏.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء أنه قال‏:‏ من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة‏.‏ قال: وكان طاوس يقول‏:‏ ما دام في مجلسه‏.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال‏:‏ يستثني ‏"‏ما دام‏"‏ في كلامه‏.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{ ‏واذكر ربك إذا نسيت‏ } ‏ قال‏:‏ إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت‏.‏ قال‏:‏ هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة يمينه‏.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال‏:‏ كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه، وإذا كان غير موصول فهو حانث‏.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏"‏ "من حلف فقال‏:‏ إن شاء الله‏.‏ فإن شاء مضى، وإن شاء رجع غير حانث"
‏"‏‏. وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏قال سليمان بن داود عليهما السلام‏:‏ لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله‏.‏ فقال له الملك‏:‏ قل إن شاء الله، فلم يقل‏.‏ فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان‏" .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "والذي نفسي بيده، لو قال إن شاء الله، لم يحنث وكان دركاً لحاجته"
‏"‏‏. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن عكرمة في قوله‏:‏ ‏ { ‏واذكر ربك إذا نسيت‏ }‏ قال‏:‏ إذا غضبت‏.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن الحسن في قوله‏:‏ ‏ { ‏واذكر ربك إذا نسيت‏ }‏ قال‏:‏ إذا لم تقل إن شاء الله‏.
وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال‏:‏ سمعت أبا الحارث، عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال‏:‏ إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله، فتوبته من ذلك أن يقول‏:‏ ‏ { ‏عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا‏ً } ‏‏.