خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
٤
إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-النور

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } يعني الحاكم إذا رفع إليهم جلدوا القاذف ثمانين جلدة { ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً } يعني بعد الجلد ما دام حياً { وأولئك هم الفاسقون } العاصون فيما قالوه من الكذب.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } ثم استثنى فقال { إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } فتاب الله عليهم من الفسوق، وأما الشهادة فلا تجوز.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس { والذين يرمون المحصنات } إلى { رحيم } فأنزل الله الجلد والتوبة تقبل، والشهادة ترد.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } قال:
"توبتهم اكذابهم أنفسهم، فإن كذبوا أنفسهم قبلت شهادتهم" .
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال: في سورة النور { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } واستثنى من ذلك فقال { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } [النور: 4] فإذا حلفا فرق بينهما وإن لم يحلفا أقيم الحد. الجلد أو الرجم.
وأخرج ابن المنذر وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً } ثم قال { إلا الذين تابوا } قال: فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنا ونكل زياد، فحد عمر الثلاثة وقال لهم: توبوا تقبل شهادتكم، فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة فكان لا تقبل شهادته، وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، فلما كان من أمر زياد ما كان حلف أبو بكرة أن لا يكلمه أبداً، فلم يكلمه حتى مات.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء في الآية قال: إذا تاب القاذف، وأكذب نفسه، قبلت شهادته.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي والزهري وطاووس ومسروق قالوا: إذا تاب القاذف قبلت شهادته. وتوبته أن يكذب نفسه.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب والحسن قالا: القاذف إذا تاب فتوبته فيما بينه وبين الله ولا تجوز شهادته.
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول في القاذف إذا تاب لم تقبل شهادته.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال: القاذف إذا تاب فإنما توبته فيما بينه وبين الله، فأما شهادته فلا تجوز أبداً.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: لا شهادة له.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: توبته فيما بينه وبين ربه من العذاب العظيم. ولا تقبل شهادته.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً } قال: كان الحسن يقول: لا تقبل شهادة القاذف أبداً. توبته فيما بينه وبين الله.
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: كل صاحب حد تجوز شهادته إلا القاذف، فإن توبته فيما بينه وبين ربه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال: لا تقبل للقاذف شهادة؛ توبته بينه وبين ربه.
وأخرج عبد بن حميد عن عيسى بن عاصم قال: كان أبو بكرة إذا جاءه رجل يشهده قال: أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال: شهدت عمر بن الخطاب حين جلد قذفة المغيرة بن شعبة منهم أبو بكرة، وماتع، وشبل، ثم دعا أبا بكرة فقال: إن تكذب نفسك تجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه. ولم يكن عمر يجيز شهادتهما حتى هلكا، فذلك قوله { إلا الذين تابوا } وتوبتهم اكذابهم أنفسهم.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"قضى الله ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة، ولا اثنين، ولا واحد على الزنا، ويجلدون ثمانين ثمانين، ولا تقبل لهم شهادة أبداً حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح وإصلاح" .
وأخرج عبد بن حميدعن جعفر بن يرقان قال: سألت ميمون بن مهران عن هذه الآية { والذين يرمون المحصنات } إلى قوله { إلا الذين تابوا } فجعل الله فيها توبته. وقال في آية أخرى { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعِنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم } فقال: أما الأولى، فعسى أن تكون قارفت، وأما الأخرى فهي التي لم تقارف شيئاً من ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: لما كان زمن العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة، جعلت المرأة تخرج من أهل مكة إلى رسول صلى الله عليه وسلم مهاجرة في طلب الإِسلام فقال المشركون: إنما انطلقت في طلب الرجال، فأنزل الله { والذين يرمون المحصنات... } إلى آخر الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال: الزنا أشد من القذف، والقذف أشد من الشرب.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال: جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر، وجلد الفرية والخمر فوق الحد والله تعالى أعلم.