خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١٦٥
وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٦٦
وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ
١٦٧
ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١٦٨
-آل عمران

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { أو لما أصابتكم مصيبة... } الآية. يقول: إنكم قد أصبتم من المشركين يوم بدر مثلي ما أصابوا منكم يوم أحد.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال: قتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين واسروا سبعين، وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين. فذلك قوله { أصبتم مثليها قلتم أنى هذا } ونحن مسلمون نقاتل غضباً لله، وهؤلاء مشركون { قل هو من عند أنفسكم } عقوبة لكم بمعصيتكم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ما قال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا: من أين هذا ما كان للكفار أن يقتلوا منا؟ فلما رأى الله ما قالوا من ذلك قال الله: هم بالأسرى الذين أخذتم يوم بدر، فردهم الله بذلك، وعجل لهم عقوبة ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن علي قال
"جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين: إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فذكر ذلك لهم فقالوا: يا رسول الله عشائرنا واخواننا نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا بعدتهم، فليس في ذلك ما نكره. فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلاً عدة أسارى أهل بدر"
. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن وابن جريج { قل هو من عند أنفسكم } عقوبة لكم بمعصيتكم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: لا تتبعوهم يوم أحد فاتبعوهم.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس { قلتم أنى هذا } ونحن مسلمون نقاتل غضباً لله، وهؤلاء مشركون. فقال { قل هو من عند أنفسكم } عقوبة بمعصيتكم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: لا تتبعوهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها } قال: أصيبوا يوم أحد قتل منهم سبعون يومئذ، وأصابوا مثليها يوم بدر قتلوا من المشركين سبعين وأسروا سبعين { قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم }
" ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم أحد حين قدم أبو سفيان والمشركون: إنا في جنة حصينة ـ يعني بذلك المدينة ـ فدعوا القوم يدخلوا علينا نقاتلهم فقال له أناس من الأنصار: إنا نكره أن نقتل في طرق المدينة، وقد كنا نمنع من الغزو في الجاهلية فبالإسلام أحق أن يمتنع منه، فأبرز بنا إلى القوم. فانطلق فلبس لأمته فتلاوم القوم فقالوا: عرض نبي الله صلى الله عليه وسلم بأمر وعرضتم بغيره، اذهب يا حمزة فقل له امرنا لأمرك تبع. فأتى حمزة فقال له. فقال: إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يناجز، وإنه ستكون فيكم مصيبة. قالوا: يا نبي الله خاصة أو عامة؟ قال: سترونها" .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن إسحق في قوله { وليعلم المؤمنين، وليعلم الذين نافقوا } فقال: ليميز بين المؤمنين والمنافقين { وقيل لهم تعالوا قاتلوا } يعني عبد الله بن أبي وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { أو ادفعوا } قال: كثروا بأنفسكم وإن لم تقاتلوا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعيد يقول: لو بعت داري فلحقت بثغر من ثغور المسلمين، فكنت بين المسلمين وبين عدوّهم. فقلت: كيف وقد ذهب بصرك؟ قال: ألم تسمع إلى قوله الله { تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا } أسوّد مع الناس ففعل.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله { أو ادفعوا } قال: كونوا سواداً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عون الأنصاري في قوله { أو ادفعوا } قال: رابطوا.
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن شهاب وغيره قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشرط بين أحد والمدينة انخذل عنهم عبد الله بن أُبَيَّ بثلث الناس، وقال: أطاعهم وعصاني والله ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا، فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق وأهل الريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام من بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضرهم عدوهم. قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكن لا نرى أن يكون قتال".
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { لو نعلم قتالاً لاتبعناكم } قال: لو نعلم انا واجدون معكم مكان قتال لاتبعناكم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قالوا { لو نعلم قتالاً لاتَّبعناكم } قال: نزلت في عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في ألف رجل وقد وعدهم الفتح إن صبروا، فلما خرجوا رجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم، فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالاً ولئن أطعتنا لترجعن معنا. فذكر الله. فهو قولهم: ولئن أطعتنا لترجعن { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا... } الاية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { الذين قالوا لإخوانهم... } الآية. قال: ذكر لنا أنها نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا } قال: نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبي.
وأخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله في قوله { الذين قالوا لإخوانهم } قال: هو عبد الله بن أبي.
وأخرج عن السدي في الآية قال: هم عبد الله بن أبي وأصحابه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال: هو عبد الله بن أبي الذين قعدوا وقالوا لإخوانهم الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن إسحق { قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت } أي أنه لا بد من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا، وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصاً على البقاء في الدنيا وفراراً من الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال: إن الله أنزل على نبيه في القدرية { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: هم الكفار يقولون لاخوانهم لو كانوا عندنا ما قتلوا، يحسبون أن حضورهم للقتال هو يقدمهم إلى الأجل.