أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وقالوا قلوبنا في أكنة } قالوا: كالجعبة للنبل.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري في حديثه من طريق عبد القدوس عن نافع بن الأزرق عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله { وقالوا قلوبنا في أكنة.. } الآية. قال: "أقبلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم ما يمنعكم من الإِسلام فتسودوا العرب؟ فقالوا: يا محمد ما نفقه ما تقول، ولا نسمعه، وإن على قلوبنا لغلفا. وأخذ أبو جهل ثوباً فمده فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد { قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب }.
قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى خصلتين. أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وإني رسول الله. فلما سمعوا شهادة أن لا إله إلا الله { ولوا على أدبارهم نفوراً } [الإسراء: 46] وقالوا { أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب } [ص: 5] وقال بعضهم لبعض { امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق، أأنزل عليه الذكر من بيننا } [ص: 7].
وهبط جبريل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: أليس يزعم هؤلاء أن على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقر فليس يسمعون قولك؟ كيف { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً } [الإسراء: 46] لو كان كما زعموا لم ينفروا ولكنهم كاذبون يسمعون ولا ينتفعون بذلك كراهية له.
فلما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أعرض علينا الإسلام، فلما عرض عليهم الإِسلام أسلموا عن آخرهم، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحمد الله، ألستم بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفاً، وقلوبكم في أكنة مما ندعوكم إليه، وفي آذانكم وقراً وأصبحتم اليوم مسلمين فقالوا: يا رسول الله كذبنا والله بالأمس ولو كان كذلك ما اهتدينا أبداً، ولكن الله الصادق والعباد الكاذبون عليه، وهو الغني ونحن الفقراء إليه"
.