خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
٩٢
عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٣
فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ
٩٤
إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ
٩٥
ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٩٦
-الحجر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَوَرَبّكَ لَنَسْـئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } أي لنسألن يوم القيامة أصنافَ الكفرة من المقتسمين وغيرهم سؤالَ توبـيخٍ وتقريع.

{ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } في الدنيا من قول وفعل وترْكٍ، فيدخُل فيه ما ذكر من الاقتسام والتعضيةِ دخولاً أولياً، ولنجزيّنهم بذلك جزاءاً موفوراً، وفيه من التشديد وتأكيدِ الوعيدِ ما لا يخفى، والفاءُ لترتيب الوعيدِ على أعمالهم التي ذكر بعضها، وفي التعرض لوصف الربوبـيةِ مضافاً إليه عليه الصلاة والسلام إظهارُ اللطف به عليه الصلاة والسلام.

{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } فاجهر به، من صَدَع بالحجة إذا تكلم بها جِهاراً، أو افرُق بـين الحق والباطل، وأصلُه الإبانةُ والتميـيزُ، وما مصدرية أو موصولةٌ والعائدُ محذوفٌ، أي ما تؤمر به من الشرائع المودعة في تضاعيف ما أوتيتَه من المثاني السبعِ والقرآنِ العظيم { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي لا تلتفت إلى ما يقولون ولا تبالِ بهم ولا تتصدَّ للانتقام منهم.

{ إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءينَ } بقمعهم وتدميرهم، قيل: (كانوا خمسةً من أشراف قريش: الوليدُ بن المغيرة، والعاصِ بنُ وائل، والحارثُ بن قيس بن الطَلاطِلةَ، والأسودُ بنُ عبدِ يغوثَ، والأسودُ بنُ المطلب، يبالغون في إيذاءِ النبـي صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به، فنزل جبريلُ عليه الصلاة والسلام فقال: قد أُمرت أن أكفيكَهم، فأومأ إلى ساق الوليد، فمرَّ بنِبال، فتعلق بثوبه سهمٌ، فلم ينعطف تعظماً لأخذه، فأصاب عِرقاً في عَقِبه، فقطعه، فمات، وأومأ إلى أخمَص العاص، فدخلت فيه شوكةٌ، فقال: لُدغتُ، وانتفخت رجلُه حتى صارت كالرّحى، فمات، وأشار إلى عيني الأسودِ بن المطلب، فعمِيَ، وإلى أنف الحارث، فامتخط قيحاً، فمات، وإلى الأسود بن عبد يغوثَ وهو قاعدٌ في أصل شجرةٍ، فجعل ينطح برأسه الشجرةَ ويضرب وجهه بالشوك حتى مات).

{ ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهًا ءَاخَرَ } وصفهم بذلك تسليةً لرسوله صلى الله عليه وسلم وتهويناً للخطب عليه بإعلام أنهم لم يقتصروا على الاستهزاء به عليه الصلاة والسلام، بل اجترأوا على العظيمة التي هي الإشراك بالله سبحانه { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } عاقبةَ ما يأتون ويذرون.