خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١٠
وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١١١
-البقرة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } عطفٌ على (فاعفوا) أُمروا بالصبر والمداراةِ واللَّجَإ إلى الله تعالى بالعبادة البدنية والمالية { وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ } كصلاة أو صدقةٍ أو غيرِ ذلك أيْ أيُّ شيءٍ من الخيـــرات تقدّموه لمصلحة أنفسِكم { تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ } أي تجدوا ثوابه وقـــرىء (تُقْدِموا) من أقدم { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فلا يَضيعُ عنده عملٌ فهو وعدٌ للمؤمنين، وقرىء بالياء فهو وعيدٌ للكافرين، { وَقَالُواْ } عطف على (ود) والضميرُ لأهل الكتابـين جميعاً { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ } أي قالت اليهودُ لن يدخُلَ الجنةَ إلا من كان هُوداً، وقالت النصارى لن يدخُلَ الجنةَ إلا من كان نصارى، فلفّ بـين القولين ثقةً أن السامعَ يردُّ كلاً منهما إلى قائله، ونحوُه (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى) تهتدوا وليس مرادُهم بأولئك مَنْ أقام اليهوديةَ والنصرانيةَ قبل النسخِ والتحريفِ على وجههما بل أنفسَهم على ما هم عليه لأنهم إنما يقولونه لإضلال المؤمنين وردِّهم إلى الكفر. والهوُدُ جمعُ هائِدٍ كعوذٍ جمعُ عائذ وبُزْلٍ جمعُ بازل، والإفرادُ في كان باعتبار لفظ (مَنْ) والجمع في خبرِه باعتبار معناه، وقرىء إلا من كان يهودياً أو نصرانياً { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } الأمانيُّ جمع أُمنية وهي ما يُتمنّى كالأُعجوبة والأُضْحوكة، والجملةُ معترِضةٌ مُبـينةٌ لبُطلان ما قالوا، و(تلك) إشارةٌ إليه، والجمعُ باعتبار صدوره عن الجميع، وقيل: فيه حذفُ مضافٍ، أي أمثالُ تلك الأُمنية أمانيُّهم، وقيل: (تلك) إشارةٌ إليه وإلى ما قبله مِن أنْ ينزِلَ على المؤمنين خيرٌ من ربهم وأن يردَّهم كفاراً، ويردُّه قوله تعالى: { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } فإنهما ليسا مما يُطلب له البرهانُ ولا مما يَحتملُ الصِّـــدق والكذِبَ قيل: (هاتوا) أصلُه آتوا قُلبت الهمزةُ هاءً أي أَحضروا حُجتَكم على اختصاصكم بدخول الجنة إن كنتم صادقين في دعواكم. هذا ما يقتضيه المقامَ بحسب النظرِ الجليلِ والذي يستدعيه إعجازُ التنزيل أن يُحمل الأمرُ التبكيتيُّ على طلب البرهان على أصل الدخولِ الذي يتضمنه دعوى الاختصاص به.