خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٥٧
-البقرة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ اللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } أي مُعينُهم أو متولي أمورِهم، والمرادُ بهم الذين ثبتَ ففي علمه تعالى إيمانُهم في الجملة مآلاً أو حالاً { يُخْرِجُهُم } تفسيرٌ للولاية أو خبرٌ ثانٍ عند من يجوِّز كونَه جملةً أو حال من الضمير في وليّ { مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ } التي هي أعمُّ من ظلمات الكفرِ والمعاصي وظلماتِ الشُبَه بل مما في بعض مراتبِ العلوم الاستدلالية من نوعِ ضعفٍ وخفاءٍ بالقياس إلى مراتبها القوية الجليةِ بل مما في جميع مراتبِها بالنظر إلى مرتبة العِيان كما ستعرفه { إِلَى ٱلنُّورِ } الذي يعمُّ نورَ الإيمان ونورَ الإيقان بمراتبه ونورَ العِيان، أي يُخرج بهدايته وتوفيقِه كلَّ واحد منهم من الظُلمة التي وقع فيها إلى ما يقابلها من النور، وإفرادُ النور لتوحيد الحق كما أن جمعَ الظلمات لتعدد فنون الضلال { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي الذين ثبت في علمه تعالى كفرُهم { أَوْلِيَاؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ } أي الشياطينُ وسائرُ المضلين عن طريق الحق فالموصولُ مبتدأ وأولياؤُهم مبتدأٌ ثانٍ والطاغوتُ خبرُه والجملةُ خبرٌ للأول والجملةُ الحاصلةُ معطوفةٌ على ما قبلها، ولعل تغيـيرَ السبك للاحتراز عن وضع الطاغوتِ في مقابلة الاسم الجليل ولقصد المبالغة بتكرير الإسناد مع الإيماء إلى التباين بـين الفريقين من كل وجهٍ حتى من جهة التعبـير أيضاً { يُخْرِجُونَهُم } بالوساوس وغيرِها من طرق الإضلال والإغواء { مّنَ ٱلنُّورِ } الفِطري الذي جُبل عليه الناسُ كافةً أو من نور البـيناتِ التي يشاهدونها من جهة النبـيِّ صلى الله عليه وسلم بتنزيل تمكُّنِهم من الاستضاءة بها منزلةَ نفسِها { إِلَى ٱلظُّلُمَـٰتِ } ظلماتِ الكفر والانهماكِ في الغِل وقيل: نزلت في قوم ارتدّوا عن الإسلام والجملةُ تفسير لولاية الطاغوت أو خبرٌ ثانٍ كما مر وإسنادُ الإخراجِ من حيث السببـيةُ إلى الطاغوت لا يقدَحُ في استناده من حيث الخلقُ إلى قدرته سبحانه { أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى الموصول باعتبار اتصافِه بما في حيز الصلة وما يتبعه من القبائح { أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } أي ملابسوها وملازموها بسبب ما لهم من الجرائم { هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } ماكثون أبداً.