خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٤٨
قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ
٤٩
-طه

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِنَّا قَدْ أُوحِىَ إِلَيْنَا } من جهة ربنا { أَنَّ ٱلْعَذَابَ } الدنيويَّ والأخروي { عَلَىٰ مَن كَذَّبَ } أي بآياته تعالى { وَتَوَلَّىٰ } أي أعرض عن قَبولها، وفيه من التلطيف في الوعيد حيث لم يصرَّحْ بحلول العذاب به ما لا مزيد عليه.

{ قَالَ } أي فرعون بعد ما أتياه وبلَّغاه ما أُمرا به، وإنما طُوي ذكرُه للإيجاز والإشعارِ بأنهما كما أُمرا بذلك سارعا إلى الامتثال به من غير تلعثم، وبأن ذلك من الظهور بحيث لا حاجة إلى التصريح به { فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } لم يُضِف الربَّ إلى نفسه ولو بطريق حكاية ما في قوله تعالى: { إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } وقوله تعالى: { قَدْ جِئْنَـٰكَ بِـئَايَةٍ مّن رَّبّكَ } لغاية عتوِّه ونهاية طُغيانه بل أضافه إليهما لما أن المرسِلَ لا بد أن يكون رباً للرسول، أو لأنهما قد صرحا بربوبـيته تعالى للكل بأن قالا: { { إِنَّا رَسُولُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [الشعراء: 16] كما وقع في سورة الشعراءِ، والاقتصارُ هٰهنا على ذكر ربوبـيته تعالى لفرعون لكفايته فيما هو المقصودُ والفاءُ لترتيب السؤال على ما سبق من كونهما رسولَيْ ربِّهما، أي إذا كنتما رسولَي ربِّكما فأخبِراني مَنْ ربُّكما الذي أرسلكما، وتخصيصُ النداء بموسى عليه الصلاة والسلام مع توجيه الخطابِ إليهما لما أنه الأصلُ في الرسالة وهارونُ وزيرُه، وأما ما قيل من أن ذلك لأنه قد عرف أن له عليه الصلاة والسلام رُتّةً فأراد أن يُفحِمه فيردُّه ما شاهده منه عليه الصلاة والسلام من حسن البـيانِ القاطعِ لذلك الطمعِ الفارغ، وأما قوله: { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } فمن غلوّه في الخُبث والدعارة كما مر.